مجزرة القرن. الغوطة الشرقية السورية حلقة الدم التي اهتزت لها الإنسانية هي العنوان الكبير لمرحلة سياسية دولية جديدة. ترتيب العمليات العسكرية الجديدة في سوريا، معمل عسكري وسياسي جديد. أعلن الروس أنهم جربوا أكثر من مائتي نوع من أسلحتهم الجديدة في سوريا، واكتشفوا أن بعض تلك الأسلحة ضارة لمستخدميها من جنودهم وليس فقط للمستهدفين بها. سوريا اليوم هي معمل سياسي وعسكري دولي جديد. غابت الحرب الباردة بين المحورين الكبيرين في العالم، اليوم نحن أمام حرب دولية لا باردة ولا ساخنة، لكنها حرب من درجة حرارة جديدة سياسيا وعسكرياً.
تم خروج الدولة السورية من أرضها سياسيا وعسكرياً، القرار في يد قوى دولية وإقليمية. روسيا والولايات المتحدة الأميركية وإيران وتركيا يتقاسمون القرار السوري. المعمل السوري يصنع ملامح القوى الدولية الجديدة، وكذلك الإقليمية. الولايات المتحدة تسيطر عسكرياً على أجزاء من شرق سوريا، الاتحاد الروسي قوة عسكرية في أغلب مناطق سوريا، إيران بقواتها العسكرية والسياسية والبشرية تعيد تركيب النسيج الاجتماعي السوري بما يحقق لها وجوداً دائماً على الأرض تنطلق منه لترسيخ وجودها الطائفي في المنطقة. تركيا فرضت نفسها كقوة إقليمية فاعلة تقفز بها إلى التأثير الأوسع عبر العالم.
النظام السوري، يعتبر أن استمراره فوق كرسي السلطة هو النصر المؤزر، زوال سيادة الدولة لا يعني شيئا، حجم الضحايا وأنهار الدم لا قيمة لها. ألم يعلن النظام السوري بعد حرب يونيو (حزيران) واحتلال الجولان أنه انتصر فعلاً، لأن تلك الحرب لم تحقق هدفها وهو إسقاط النظام البعثي في دمشق.
إيران كان ردها سريعاً، ستستأنف تفعيل برنامجها النووي. لماذا؟ بعد معاركها في سوريا وإبادة آلاف السوريين ترى أنها أعادت إنتاج قوتها الإقليمية والدولية وبإمكانها أن تنقلب على التزامها السابق مع القوى الدولية حول برنامجها النووي.
اتفق الإيرانيون والروس على أن الحل العسكري هو الخيار الوحيد في سوريا، وأن المسار السياسي الممتد من جنيف إلى سوتشي قد غرق في بحر الدماء بالغوطة الشرقية. أما تركيا فلها حساباتها الخاصة. الأكراد الأتراك وامتدادهم في سوريا شكّل ولا يزال الشوكة الدائمة، الدعم الأميركي لهم بالشمال السوري فتح ملفاً ملتهباً بين تركيا وأميركا، بعد قرار الرئيس إردوغان التحرك عسكرياً نحو عفرين أصبحت المواجهة المباشرة بين الطرفين تلوح في العقل والأفق. العلاقة التي يختلط فيها التحالف بالمواجهة لوَّثت كيمياء الخطاب والتعامل بين الطرفين. إردوغان مثل بقية اللاعبين على الأرض السورية وظف أوراقه محلياً ودولياً. أراد رفع صوته إلى مستوى أصوات الدول الكبرى. روسيا وأميركا، يناور مع هاتين الدولتين عبر المنصة السورية السياسية والعسكرية. إردوغان لا يرى شرعية للرئيس بشار الأسد، وأن السلام لن يقوم في سوريا طالما بقي بشار فوق كرسي الرئاسة، وهو في ذلك يتناقض مع روسيا وإيران، لكن رغم ذلك استطاع أن ينسج خيوطاً سياسية نوعية تتيح له التواصل والمناورة معهما.
تركيا غير موجودة عسكرياً في الغوطة الشرقية التي أمطرتها روسيا بالصواريخ والقنابل، لكنها تطل عليها عبر المشهد السوري العام. ملفات العلاقات الأميركية التركية متعددة ومعقدة، ملف – غولن – الذي تتهمه تركيا بتزعم محاولة الانقلاب وإصرارها على ترحيله إلى أنقرة، ملف الأدوار والقرار في تحالف الناتو الذي له قاعدة أنجرليك في تركيا ورقة يرفعها إردوغان من حين لآخر في وجه أميركا، تلقي بظلها على تداخل الطرفين فوق الأرض السورية.
السؤال الذي يكبر كل يوم هو: إلى أين ستصل شلالات الدم السوري المتدفقة على امتداد البلاد؟ وكيف ستكون القماشة السورية التي تتجاذبها أيدٍ دولية مسلحة مختلفة الأهداف والتحالفات؟ روسيا وأميركا تخوضان حرباً بحرارة جديدة فوقها، مساحة التفاهم تتراجع كل يوم ونقطة الاستحالة الكاملة يتحرك نحوها الطرفان. السوريون بمختلف فرقهم هم الرابحون من المسار السياسي إذا توفرت الإرادة الوطنية. وهم الخاسرون من الخيار العسكري. المأساة أن القوى الأجنبية العسكرية الفاعلة على الأرض تحرك التشكيلات المسلحة كل وفق مخططاتها. لم تعد هذه التشكيلات تتحرك وفق قراراتها أو آيديولوجيتها. تتقاتل هذه التشكيلات فيما بينها وفقاً لدفع مبرمج من القوى الدولية التي تتحرك نحو أهداف مرسومة وثابتة. تركيا لها تشكيلات مسلحة تأتمر بأوامرها، وقل ذلك عن روسيا وإيران والولايات المتحدة الأميركية.
الحقائق الجيوبوليتيكية تفعل فعلها على الميادين السياسية والعسكرية. محافل المفاوضات السياسية من جنيف إلى سوتشي، مروراً بآستانة أوراقها ملونة بقوس قزح به الكثير من ألوان الدم والتراب السوري، غاب عنها الصوت السوري الذي يمتلك أوراقاً بغض النظر عن ثقلها. دماء الغوطة الشرقية هي الناقوس الأحمر الدامي الرهيب الذي يجعل من منصات التفاوض ضرباً في حديد بارد. لم يعد الحل السياسي السوري سورياً أو الدولي له فاعلية الاختراق نحو إيقاف دفق الدم. عندما نقول – سوريا – يتداعى إلى الذهن مساحة من الأرض فوقها شعب تربطه أواصر تاريخية وهوية ناظمة. اليوم لم يعد ذلك العنوان يعني سوى الموت والدم والدمار والجوع والمرض. ضمرت سوريا اسما وأرضاً وهوية. الغوطة القتيلة هي الصراخ الذي يرفع صوت الوطن، لعلَّه ينحت صورة للوطن يلوح منها بقايا خريطة تنجو من حرائق العراك الكوني.
تم خروج الدولة السورية من أرضها سياسيا وعسكرياً، القرار في يد قوى دولية وإقليمية. روسيا والولايات المتحدة الأميركية وإيران وتركيا يتقاسمون القرار السوري. المعمل السوري يصنع ملامح القوى الدولية الجديدة، وكذلك الإقليمية. الولايات المتحدة تسيطر عسكرياً على أجزاء من شرق سوريا، الاتحاد الروسي قوة عسكرية في أغلب مناطق سوريا، إيران بقواتها العسكرية والسياسية والبشرية تعيد تركيب النسيج الاجتماعي السوري بما يحقق لها وجوداً دائماً على الأرض تنطلق منه لترسيخ وجودها الطائفي في المنطقة. تركيا فرضت نفسها كقوة إقليمية فاعلة تقفز بها إلى التأثير الأوسع عبر العالم.
النظام السوري، يعتبر أن استمراره فوق كرسي السلطة هو النصر المؤزر، زوال سيادة الدولة لا يعني شيئا، حجم الضحايا وأنهار الدم لا قيمة لها. ألم يعلن النظام السوري بعد حرب يونيو (حزيران) واحتلال الجولان أنه انتصر فعلاً، لأن تلك الحرب لم تحقق هدفها وهو إسقاط النظام البعثي في دمشق.
إيران كان ردها سريعاً، ستستأنف تفعيل برنامجها النووي. لماذا؟ بعد معاركها في سوريا وإبادة آلاف السوريين ترى أنها أعادت إنتاج قوتها الإقليمية والدولية وبإمكانها أن تنقلب على التزامها السابق مع القوى الدولية حول برنامجها النووي.
اتفق الإيرانيون والروس على أن الحل العسكري هو الخيار الوحيد في سوريا، وأن المسار السياسي الممتد من جنيف إلى سوتشي قد غرق في بحر الدماء بالغوطة الشرقية. أما تركيا فلها حساباتها الخاصة. الأكراد الأتراك وامتدادهم في سوريا شكّل ولا يزال الشوكة الدائمة، الدعم الأميركي لهم بالشمال السوري فتح ملفاً ملتهباً بين تركيا وأميركا، بعد قرار الرئيس إردوغان التحرك عسكرياً نحو عفرين أصبحت المواجهة المباشرة بين الطرفين تلوح في العقل والأفق. العلاقة التي يختلط فيها التحالف بالمواجهة لوَّثت كيمياء الخطاب والتعامل بين الطرفين. إردوغان مثل بقية اللاعبين على الأرض السورية وظف أوراقه محلياً ودولياً. أراد رفع صوته إلى مستوى أصوات الدول الكبرى. روسيا وأميركا، يناور مع هاتين الدولتين عبر المنصة السورية السياسية والعسكرية. إردوغان لا يرى شرعية للرئيس بشار الأسد، وأن السلام لن يقوم في سوريا طالما بقي بشار فوق كرسي الرئاسة، وهو في ذلك يتناقض مع روسيا وإيران، لكن رغم ذلك استطاع أن ينسج خيوطاً سياسية نوعية تتيح له التواصل والمناورة معهما.
تركيا غير موجودة عسكرياً في الغوطة الشرقية التي أمطرتها روسيا بالصواريخ والقنابل، لكنها تطل عليها عبر المشهد السوري العام. ملفات العلاقات الأميركية التركية متعددة ومعقدة، ملف – غولن – الذي تتهمه تركيا بتزعم محاولة الانقلاب وإصرارها على ترحيله إلى أنقرة، ملف الأدوار والقرار في تحالف الناتو الذي له قاعدة أنجرليك في تركيا ورقة يرفعها إردوغان من حين لآخر في وجه أميركا، تلقي بظلها على تداخل الطرفين فوق الأرض السورية.
السؤال الذي يكبر كل يوم هو: إلى أين ستصل شلالات الدم السوري المتدفقة على امتداد البلاد؟ وكيف ستكون القماشة السورية التي تتجاذبها أيدٍ دولية مسلحة مختلفة الأهداف والتحالفات؟ روسيا وأميركا تخوضان حرباً بحرارة جديدة فوقها، مساحة التفاهم تتراجع كل يوم ونقطة الاستحالة الكاملة يتحرك نحوها الطرفان. السوريون بمختلف فرقهم هم الرابحون من المسار السياسي إذا توفرت الإرادة الوطنية. وهم الخاسرون من الخيار العسكري. المأساة أن القوى الأجنبية العسكرية الفاعلة على الأرض تحرك التشكيلات المسلحة كل وفق مخططاتها. لم تعد هذه التشكيلات تتحرك وفق قراراتها أو آيديولوجيتها. تتقاتل هذه التشكيلات فيما بينها وفقاً لدفع مبرمج من القوى الدولية التي تتحرك نحو أهداف مرسومة وثابتة. تركيا لها تشكيلات مسلحة تأتمر بأوامرها، وقل ذلك عن روسيا وإيران والولايات المتحدة الأميركية.
الحقائق الجيوبوليتيكية تفعل فعلها على الميادين السياسية والعسكرية. محافل المفاوضات السياسية من جنيف إلى سوتشي، مروراً بآستانة أوراقها ملونة بقوس قزح به الكثير من ألوان الدم والتراب السوري، غاب عنها الصوت السوري الذي يمتلك أوراقاً بغض النظر عن ثقلها. دماء الغوطة الشرقية هي الناقوس الأحمر الدامي الرهيب الذي يجعل من منصات التفاوض ضرباً في حديد بارد. لم يعد الحل السياسي السوري سورياً أو الدولي له فاعلية الاختراق نحو إيقاف دفق الدم. عندما نقول – سوريا – يتداعى إلى الذهن مساحة من الأرض فوقها شعب تربطه أواصر تاريخية وهوية ناظمة. اليوم لم يعد ذلك العنوان يعني سوى الموت والدم والدمار والجوع والمرض. ضمرت سوريا اسما وأرضاً وهوية. الغوطة القتيلة هي الصراخ الذي يرفع صوت الوطن، لعلَّه ينحت صورة للوطن يلوح منها بقايا خريطة تنجو من حرائق العراك الكوني.