علقت صحيفة “الغارديان” في افتتاحيتها على الرابط بين أحداث ولاية ويسكونسن ومؤتمر الحزب الجمهوري، قائلة إنهما يمثلان أمريكا منقسمة على نفسها.
وقالت الصحيفة إن الولايات المتحدة استمعت يوم الثلاثاء إلى دعوتين للسلام والوحدة. جاءت الأولى من والدة الرجل الأسود، جاكوب بليك الذي أطلقت عليه الشرطة الرصاص عدة مرات أمام أطفاله وتركته مشلولا كما قيل. وبعد حوادث من النهب والعنف التي تبعت الاحتجاجات السلمية في بلدة كينوشا في وسكونسن، قالت والدته جوليا جاكسون: “نحن بحاجة لرأب الجراح”.
ومقارنة مع دعوات جاكسون، جاءت الدعوة الثانية أثناء خطاب لميلانيا ترامب، زوجة الرئيس دونالد ترامب في مؤتمر الحزب الجمهوري. فالمرأة التي قدمت ما وصف بأنها “مناشدة للوحدة العرقية” هي نفسها التي قالت إن الأمريكيين بحاجة لرؤية شهادة ميلاد أوباما، وهي نفسها التي ارتدت سترة كتب عليها: “في الحقيقة أنا لا أهتم، وأنت هل تهتم؟” في أول زيارة لها للأطفال المحتجزين قرب الحدود في تكساس.
وكان ظهورها في المؤتمر نيابة عن رجل انتصر عبر التعصب. وتحدثت أمام المؤتمر للضغط على نفس الأزرار التي وصفها ناشط سياسي جمهوري “إباحية الخوف”. وشملت قائمة المتحدثين محامين من سانت لويس رفعوا البنادق في وجه تظاهرة لحركة “حياة السود مهمة أيضا” مرت من جانب بيوتهم.
وكان خطاب السيدة الأولى مثل بقية برنامج المؤتمر يوم الثلاثاء محاولةً تخدم الذات لتطهير ماركة والسماح لزوجها والجمهوريين باستغلال العنصرية والتأكيد ألا شيء حدث، ويمكن للمقترعين انتخاب ترامب وبراحة ضمير.
فمحاولة ترامب استغلال حركة حياة السود مهمة أيضا وتقديم نفسه بأن رئيس النظام والقانون، هي فكرة أخذها من دليل ريتشارد نيكسون ولم تكن ناجحة. فقد اكتشف أن الرأي العام متعاطف مع حركة الاحتجاج أكثر مما كان يتوقع. وتغيّر هذا الوضع قبل انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر أمر غير واضح. وما هو مؤكد، هو أن شبح المذبحة الأمريكية التي تصورها تركت أثرا خطيرا وحقيقيا.
وتقول الصحيفة إن ترامب لم يخلق الانقسام العرقي، وحصانة الشرطة من العقاب والرهاب من القوى المعادية لأمريكا، ولكنه قام باستغلالها وتقويتها.
وبعد ساعات من خطاب ميلانيا في المؤتمر، قتل شخصان وجرح آخر في تظاهرة بكينوشا. وذلك بعد مواجهات بين المتظاهرين ورجال مسلحين بيض.
وقال مدير الشرطة إن “ميليشيا” كانت تقوم بحراسة الشوارع. وأظهرت لقطات الفيديو التي نشرت على منصات التواصل الاجتماعي رجلا أبيض يحمل بندقية أوتوماتيكية وهو يطلق النار على المتظاهرين من حركة حياة السود مهمة.
ورغم الشغب، شوهد الرجل المسلح رافعا يديه وسلاحه على كتفه، فيما مرت سيارة شرطة من جانبه في مفارقة واضحة على طريقة معاملتها لبليك.
وللكلام تداعيات، فعائلة بليك لا تريد فقط الهدوء، ولكن التغير الذي تحتاجه الولايات المتحدة. وقالت شقيقة بليك، ليتترا ويدمان: “نراقب الشرطة وهي تقتل السود منذ سنين” و”لا أريد شفقتكم بل التغيير”. ومقارنة مع ذلك، كانت دعوة السيدة الأولى، محاولة للحفاظ على الوضع الراهن. فقد وصل زوجها إلى الحكم عبر إثارة التعصب ويخطط للبقاء في السلطة بنفس الطريقة، وخروجه لن يحل المشاكل المتجذرة التي تعاني منها أمريكا. لكن انتصارا ثانيا في تشرين الثاني/ نوفمبر سيضاعفها بالتأكيد.
نقلا عن القدس العربي