في تقريرٍ نشرته الغارديان وقام بترجمته المركز الصحفي السوري، تحدثت فيه الصحيفة عن إمكانية أن تصبح سوريا فيتنام جديدة، وقال التقرير: بعد قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما إرسال 50 عنصر من القوات الخاصة إلى سوريا بهدف محاربة تنظيم الدولة، توجب علينا أن نكون حذرين من إعادة التاريخ لنفسه، وإمكانية أن تصبح سوريا فيتنام جديدة بالنسبة لأمريكا.
الخطأ الأصلي مع سوريا، كما هو الحال مع الفيتنام، اعتقاد قادة واشنطن بأن الحروب الأهلية وحركات التمرد التي تجري في منتصف الطريق في جميع أنحاء العالم تمثل مصلحة الأمن القومي بجزئياتها الدقيقة. ففي ذلك الوقت سيطر وهم “نظرية الدومينو” على تفكير معظم الساسة الأمريكيين، وتعتقد هذه النظرية بأنه إذا أصبحت أمة واحدة شيوعية، فإن ذلك سيفتح الباب أمام سلسلة من ردود الفعل عند جميع الدول الأخرى في المنطقة، لتحذو حذو الأمة صاحبة المبادرة – مبررةً في الوقت نفسه قرار الانخراط في دولة صغيرة لا تشكل في حد ذاتها أي تهديد للولايات المتحدة. وأن نسخة من هذا المنطق هي في العمل مرة أخرى (في إشارة إلى ما يحدث في سوريا).
لقد أخُبرنا سابقاً بأن بقاء الأسد من عدمه في سُدة الحكم في سوريا أمر مهم للغاية لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة، ولكنه لم يكن كذلك، فقد حكم الأسد سوريا منذ عام 1970 دون الحاجة إلى تدخل الولايات المتحدة، بالإضافة إلى أن أي نظام سيرث سوريا بعد الأسد، سيرث بلاد مدمرة ومن الصعب أن يشكل أي تهديد للمصالح الأمريكية.
قبل مقولة “الحرب إلى الأبد”، قال الرئيس جون كينيدي للأمريكيين أن الولايات المتحدة تقوم فقط بتدريب الجيش الفيتنامي الجنوبي، لكنه في نهاية المطاف، تدخلت الولايات المتحدة عسكرياً وبشكل كامل على الأرض.
اليوم، وبعد تدخلٍ غير مبرر في سوريا، جعلت الولايات المتحدة الامور أكثر سوءاً من خلال تبني علاقات غير فعالة ومكلفة مع شركاء محليين على الأرض، وذلك بعد سنوات من الجدل حول عدم وجود من يستحق الدعم بين الثوار في سوريا، وعندئذٍ قررت إدارة أوباما التعاون وصرفت ملايين الدولارات على أقل برامج التدريب نجاحا في التاريخ الأمريكي، حسب شهادة قائد القيادة المركزية حيث قال فقط “أربع أو خمس” من الذين تلقوا التدريب هم في المعركة.
تتساءل الغارديان في مقالها الذي ترجمه المركز الصحفي عن السبب الذي جعل أوباما يرتكب مثل هذا الخطأ الفادح، في حين تقدم الفيتنام الكثير من الدروس المؤلمة لتجنب تكرار مثل هذه الأخطاء بالتحديد.
بعد سقوط ديان بيان فو في عام 1954، قررت إدارة أيزنهاور البدء بدعم فيتنام الجنوبية مباشرة. وحدثت أول الاصابات لمستشارين أمريكيين عامليين في فيتنام عام 1959، أما في العام التالي فقد ازداد عدد المستشارين إلى ما يقرب من 700 مستشار في فيتنام، ومع كينيدي فقد تضاعف العدد ثلاثة مرات. وبحلول عام 1968 كان هناك أكثر من 500 ألف جندي أمريكي في فيتنام.
لقد أظهرت فيتنام أن الفشل في تدخل أولي محدود سيخلق ضغوط سياسية لاتخاذ إجراءات أكثر عدائية، فمن الناحية النظرية، ينبغي أن يكون الرئيس على استعداد تام لإعلان الانسحاب في حال ثبت فشل التدخل الأولي في معظم الأحيان، ومع ذلك، وبمجرد أن قرر الرئيس التدخل فإنه سيكون قد ربط مصيره السياسي بنتائج هذا التدخل، وإن طفرتي عامي 2007 و 2010 في كل من أفغانستان والعراق هي أمثلة قوية عن نفس هذا النوع من التفكير، فلم يرد كلً من جورج بوش الابن ولا الرئيس الحالي باراك أوباما مواجهة التداعيات السياسية للانسحاب ونتائجه السلبية.
وبعد وعده العالم بتدمير تنظيم الدولة الإسلامية والقضاء عليه، يجد أوباما نفسه الآن تحت الضغط لاتخاذ إجراءات أكثر عدائية في الشرق الأوسط، على الرغم من شكوكه الخاصة حول فعاليتها، ففي الآونة الأخيرة، وعلى سبيل المثال، اعترف أوباما أنه قد وافق على برنامج تدريب الثوار السوريين على الرغم من انه لم يعتقد أنه سيعمل.
تختم الصحيفة في المقال الذي ترجمه المركز الصحفي السوري بالقول: إن قوة الجيش الامريكي لا تستطيع إيجاد أو زرع الديمقراطية في أراضٍ أجنبية، ولا يمكنها فرض تغييرات في أوساط السكان الأجانب. فقط تلك الحكومات المحلية وشعوبها يمكن أن تُحدث تغيير سياسي إذا كانوا هم أنفسهم يريدون ذلك. هذا هو مجرد درس واحد من العديد من الدروس التي يمكن أن تقدمها فيتنام للإدارة الحالية للتعلم منها -طبعاً إذا كانوا على استعداد للتعلم.
ترجمة المركز الصحفي السوري – محمد عنان