تصدر رئيس الوزراء البرتغالي السابق أنتونيو غوتيريس مرة أخرى نتائج اقتراع غير رسمي لاختيار أمين عام تاسع لمنظمة الأمم المتحدة. وغوتيريس مفوض للأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين منذ 10 أعوام.
سري.. واستجواب
يصوت اعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر على كل مرشح من المرشحين الاثني عشر، ليكون المجموع 180 صوتًا. ولا فارق في التصويت بين الدول الخمس دائمة العضوية التي تتمتع بحق النقض (الفيتو)، أي الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا، والتي لها الكلمة الأخيرة في اختيار خليفة بان كي مون. وعلى الرغم من أن التصويت سري، فالمفاجئ فعليًا هو انتشار نتائجه سريعًا.صوّت 11 عضوًا في مجلس الأمن للمرة الثانية لصالح غوتيريس، وعضوان ضده، فيما امتنع عضوان عن التصويت. وكان غوتيريس نال في الاقتراع السري الأول 12 صوتًا مؤيدًا في مقابل امتناع ثلاثة أعضاء عن التصويت. وهذا دليل على استمرار غياب التوافق الدولي على أي من المرشحين لخلافة بان كي مون، الذي تنتهي ولايته في ديسمبر الآتي، بعد 10 سنوات في هذا المنصب.
وما يثير الاستغراب أيضًا إصرار موغينز ليكتوف، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، على خضوع كل مرشح للاستجواب أمام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، للمرة الاولى في تاريخ المنظمة.
من الثاني صعودًا
بعد غوتيريس، حلّ فوك يريميتش، وزير الخارجية الصربي السابق والرئيس السابق للجمعية العامة للأمم المتحدة، ثانيًا (8 أصوات مؤيدة و4 معارضة وامتناع ثلاثة أعضاء عن التصويت)؛ وسوزانا مالكورا، وزيرة الخارجية الارجنتينية السابقة، ثالثة (8 أصوات مؤيدة و6 معارضة وامتناع عضو واحد عن التصويت)، ويقال إنها المرشحة التي تفضلها الولايات المتحدة.
من المرشحين الآخرين بحسب الأصوات التي حصلوا عليها هم دانيلو تورك الذي حل في المركز الرابع، وهو رئيس سلوفينيا السابق ومسؤول رفيع سابق في قسم الشؤون السياسية في الأمم المتحدة وجاء ثانيًا في اقتراع سابق، وارينا بوكوفا مديرة يونسكو، وسرغيان كريم وزير خارجية مقدونيا السابق ورئيس سابق للجمعية العامة، وهيلين كلارك رئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة ورئيسة برنامج الامم المتحدة الانمائي. |
نساء بلا أمل
وتقول مصادر بالأمم المتحدة إن الولايات المتحدة التى أبدت رغبتها فى أن تتولى سيدة منصب الأمين العام، تدعم وزيرة خارجية الأرجنتين سوزانا مالكورا فى عملية الاقتراع السرى، بينما تميل روسيا إلى اختيار مدير عام يونسكو إيرينا بوكوفا، وهي دبلوماسية بلغارية لها أواصر عائلية في الاتحاد السوفياتي السابق.
وكانت ماريا إيما نجيا، سفيرة كولومبيا لدى الأمم المتحدة، اجتهدت لحشد التأييد لاختيار امرأة في منصب الأمين العام، لكن يبدو أن لا أمل في ذلك في هذه الدورة، ولا يُعرف إن كانت روسيا ستصر على “أمين عام” من اوروبا الشرقية التي تُعد اقليمًا من مخلفات الحرب الباردة، لأن أغلبية دولها أعضاء في الاتحاد الاوروبي. لكنّ مرشحيها يرون أن هذه الدول فتحت حدودها واسهمت بذلك في سقوط جدار برلين في عام 1989، ولم يكن هناك أمين عام للأمم المتحدة من هذه المنطقة من قبل.
وهناك 7 من 12 مرشحًا يتحدرون من أوروبا الشرقية، وثلاثة من المرشحين نساء، سقطت إحداهن في الاقتراع غير الرسمي، وانسحبت فيسنا بوسيتش من المنافسة، وهي كانت وزيرة خارجية كرواتيا سابقًا. وبين المرشحين الأربعة الآخرين من خارج اوروبا ثلاث نساء ورجل. وفي مراكز متدنية على القائمة كريستينا فيغويريس الكوستاريكية التي دعمت تحرك الأمم المتحدة في شأن التغيّر المناخي، وناتالي غيرمان رئيسة وزراء مولدوفا السابقة وممثلة الأمم المتحدة السابقة في البونسة، وايغور لوكشيتش وزير خارجية الجبل الأسود.
عدم توافق
يعكس عدم التوافق على اسم لمنصب الأمانة العامة للأمم المتحدة وصراع الإرادات بين دول الفيتو مصالح ضيقة قديمة، لا مصلحة المنظمة الدولية. وحين يُحسم الاختيار، فإن طريقة حسمه ستنبئ بالكثير عمن سيكون صاحب النفوذ والتأثير في المنظمة الدولية خلال السنوات الخمس المقبلة.
وقالت صحيفة “بوليتيكو” الأميركية إن المنافسة الراهنة لاختيار أمين عام جديد للأمم المتحدة تمثل أحدث الجبهات في الحرب التصعيدية بين الولايات المتحدة وروسيا، لكسب مزيد من النفوذ على الساحة الجيو- سياسية.
إلى ذلك، يتوقع أن يتمكن الأمين العام الجديد للمنظمة الأممية أن يكون المسؤول عنها على الرغم من أن نشوء اقطاعيات يسيطر عليها افراد يعرقل عمله، وتكون الكلمة الأخيرة في أغلب الأحيان لمجلس الأمن الدولي.
يرى كثير من الدبلوماسيين أن المفترض بالأمين العام أن يجترح الحلول للأزمات التي تتدفق على الأمم المتحدة، وأن يكون محاورًا قويًا.
حلبة صراع
لا شك في أن على الأمين العام الجديد التصدي لتراجع دور الأمم المتحدة، وتحول المنظمة الأممية الأكبر إلى مجرد أداة لتنفيذ سياسات معينة، ولا سيما السياستين الأميركية والروسية، بعدما تحولت إلى حلبة للصراع الدولي. فالمصالح الدولية اختطفت المنظمة وجعلتها رهينة المواقف، تستخدمها متى شاءت ضد هذا الطرف الدولي أو ذاك.
وفي الأعوام القليلة الماضية، التي شهدت أقسى أوضاع ميدانية في الشرق الأوسط، خصوصًا في سوريا واليمن، فقد بينت الأمم المتحدة عن عجز في حفظ أرواح المدنيين باتخاذ موقف حازم من النظام السوري الذي قتل شعبه ولا يزال، بأعتى الأسلحة المحظورة دوليًا، وعن فرض الشرعية في اليمن، وإجبار إيران التي تقف وراء الانقلابيين على كف بلاها عن اليمن وشعبه.
بناء على ما سبق، يرى مراقبون أن معركة إيصال خليفة لبان كي مون لن تكون أمرًا يسيرًا، خصوصًا أن الممسك بتلابيب المنظمة قادر على فرض رأيه على أرض الواقع من خلال حشد التأييد العارم، اللهم إذا تمكن من تفعيل دور المنظمة الأممية.
إيلاف