زهيراحمد
تأتي تصريحات خطيب النظام الايراني في صلاة الجمعة 5 شباط أيضا في إطار التحذير هذا حيث عبّر عن هلعه من ”مخططات تدبر خارج البلاد ضد إيران والنظام الإسلامي وولاية الفقيه” وجاء كل ما أفادت المواقع الحكومية نقلا عن خامنئي يوم 5 شباط في هذا النطاق بالضبط أنه لو لم يكن أولئك القتلى في سوريا ” فكان العدو يخترق البلد وإن لم يُتصد له فكان يتعين علينا أن نقاتله هنا في كرمانشاه وهمدان وسائر المحافظات”. (موقع انتخاب الحكومي 5 شباط)
فيما تحفل وسائل الإعلام الحكومية بأنباء عن رفسنجاني دعما له أو نكاية به وينهمك عموم عناصر لكلتا الزمرتين في النظام في الصراع في رأس النظام وتداعياته، فإن خامنئي ظل يلتزم الصمت في هذا المجال وبالمقابل يحذر بشكل غير مسبوق من خطرات تحدق بالنظام.
ولاحظنا مثل هذا الهاجس يوم 3 شباط لمّا أطلّ خامنئي على الساحة وخلال لقائه بالحرسي شمخاني وسكرتير مجلس أمن النظام وأشخاص عرّفهم النظام بـ”مساعدين وخبراء للأمانة العامة لـ” مجلس الأمن أدلى بتصريحات ملفتة من ضمنها: ”اليوم خرج موضوع الأمن من إطار عسكري أمني بحت وإتخذ طابعا اقتصاديا معيشيا ثقافيا سياسيا اجتماعيا نفسيا وأخلاقيا”. وهذا بنفسه يمثل اعترافا ببث التهديدات الأمنية المترتبة على الأجواء المتفجرة للشارع الإيراني وذلك أمر طبيعي وواقعي بالكامل نظرا إلى ظروف ما بعد تجرع السم النووي وتداعياته.
لكنه يبدو أن هذه التهديدات تسللت إلى داخل النظام وإن عقد اللقاء بأعضاء مجلس أمن النظام وطرح التحديات بشكل علني جاء في هذا النطاق ما يمكن استيعابه من هذه الجملات لخامنئي:”إن الأداء الصحيح وصنع القرار في الأمانة العامة مرهون بسيادة ”أجواء ثورية مئة بالمئة” هذه المؤسسة حيث إذا تم إتخاذ قرارات متباينة مع الثورة الإسلامية في الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي فلن تُحصد النتيجة المنشودة”.
فنرى أنه يتكلم عن ”قرارات متباينة مع الثورة الإسلامية” أي أساس النظام ويبدو واضحا أن الخلافات في داخل مجلس أمن النظام بلغ حد التأكيد العلني لخامنئي عليها وتحذيره منها ما يمكن إدراكه من خلال عقد هذا اللقاء والتركيبة المشاركة فيه إذ إن اللقاءات التي يجريها خامنئي لها صلة بما يريد إتخاذ الموقف منه وبما يريد إرشاد مؤسسات وزمر النظام إليه من مسار، وطبعا لئن كان هذا الموضوع والمسار المقدم في مستوى مألوف وعادي للنظام فلا دليل لذكره بشكل علني حيث يصدر أوامره إلى المؤسسات المختلفة خلال اجتماعاته معها في سياقها الطبيعية إلا أنه عندما كان هناك مثار جدل وتجاذب داخلي بين عصابات النظام وعندما يلاحظ خامنئي أنه لا يتمكن من تمرير نواياه فيضطر إلى الإدلاء بمواقفه علنا ليستجمع كل المكينة الإعلامية ومؤسسات النظام في خلفه لإرساء تصريحاته وإن ما أبداه خامنئي عن وجود تباين مع النظام داخل مجلس أمنه ينم عن هكذا ظروف.
والبتة يجب مشاهدة جذور كل هذه الهواجس في أبعاد ضخمة لتهديدات أمنية تتموج في حديث خامنئي 3 شباط حيث سوى ما ذُكر بداية المقال فهذه الملاحظات أيضا في تصريحاته جديرة بالإهتمام:
”إني أولي أهمية بالغة لسيادة التفكير الثوري في الأمانة العامة، تفكيرا صحيحا قويا خالصا ثوريا” أو أضاف ”على الأمانة العامة إتخاذ قرارات سليمة لمواجهة الأساليب ضد الأمنية المعقدة والجديدة بعقلية فعالة وعمل دؤوب وأداء خبير مبني على التفكير الثوري”.
إن الإشارة إلى ” الأساليب ضد الأمنية الجديدة” ضد النظام تدل على وجود تحديات اعترف بها خامنئي وأبدى مخاوفه منها ومن ثم أوصى بإجراءات ”هادئة لا تثير ضوضاء” بـ” الأساليب الجديدة” في ”الأمن الداخلي للنظام” ما يؤشر إلى حاجة النظام بأساليب معقدة للقمع للتصدي للتهديدات المتفجرة للشارع في ظروف إنهاك ما بعد السم النووي.
النتيجة أنه يبدو أنه قد تشابك صراع السيادة والتحديات الأمنية الداخلية ما تمخض عن ظروف أكثر تفاقما لنظام الولاية.