منذ عدة سنوات, و العنف الطائفي الذي اجتاح سوريا يزداد سوء, كما شدد الرئيس أوباما على أن الولايات المتحدة لن تتورط في أي صراع بري في البلاد, كما كان عليه الحال في العقدين السابقين في العراق وأفغانستان.
وهكذا, فإن الإعلان الذي صدر عن الرئيس هذا الأسبوع والذي يتضمن إرسال عشرات من القوات الخاصة الأمريكية إلى سوريا أدى إلى التوقع بأن إدارة أوباما تراجعت عن تعهدها بانها لن ترسل جنودا على الأرض كجزء من الجهد الرامي إلى إنهاء الصراع.
هذا التعقيد في استراتيجية الولايات المتحدة العسكرية يوضح أصعب القرارات التي يتوجب على الرؤساء الأمريكان أن يواجهوها, عندما يتعلق الأمر بكيف ومتى تقوم الولايات المتحدة بالتدخل عبر القوات المسلحة في الصراعات الإقليمية.
في حين أن لكل صراع إقليمي ظروفه وسياساته وتحدياته وحساباته التي تبرر التدخل الأمريكي العسكري, إلا أنه يتطلب الموازنة بين العديد من المصالح والعوامل. في البداية على صانعي قرار السياسة الخارجية أن يحددوا وأن يحموا مصالح الولايات المتحدة الجوهرية.
كما أن عليهم أن يدرسوا المخاطر التي يتعرض لها مواطنونا داخل البلاد إضافة إلى اعتبارات إنسانية واقتصادية وسياسية, ومصالح أصدقائنا وحلفاؤنا والتزاماتنا.
مع دراستهم لهذه العوامل وغيرها, فإنه سوف يواجهون سؤالا حاسما يتم تجاهله في كثير من الأحيان: ما هي الموارد التي نحن على استعداد لإنفاقها كدولة لحماية مصالحنا ؟
وضع الأهداف دون تعيين الموارد لتحقيقها خطأ متكرر في السياسة الخارجية الأمريكية.
هذه الموارد تتضمن المال والوقت وكلفة الفرصة المرتبطة مع الموارد المكرسة في جزء من العالم أو في آخر, الأهم من كل ذلك هو حياة رجالنا ونسائنا.
التحدي, هو العثور على المزيج العسكري والسياسي والأدوات الاقتصادية المناسبة لحماية مصالحنا بأي كلفة نكون نحن كأمة مستعدون لتحملها.
في الحالات التي تكون فيها مصالحنا واضحة – مثل أن يكون هناك تهيد لبلادنا ومواطنيها- فإن الجواب لا يكون صعبا في معظم الحالات وهو أننا سوف نقوم بإنفاق ما يلزم من الموارد المطلوبة لحماية هذه المصالح الجوهرية. ولكن الأمور تصبح أصعب عندما تكون المصالح التي نتحدث عنها هامة ولكنها ليست جوهرية.
الصراع الذي يدور حاليا في سوريا وضعنا أمام مجموعة من الحقائق الصعبة بالنسبة لنا. إنها منطقة معقدة ولديها تاريخ طويل من عدم الاستقرار ومستويات حادة من الصراع العرقي. كما أنها جزء من عالم تملك فيه الولايات المتحدة مصالح قومية هامة استثمرنا فيها حجما هائلا من الموارد البشرية والمالية خلال عقود.
يتفق الكثير من صانعي القرار على أن مصالح الولايات المتحدة تتطلب أن نلعب دورا قياديا في حل الحرب الأهلية في سوريا, وإعادة الاستقرار للمنطقة. علينا أن لا نترك سوريا أو أي منطقة أخرى تصبح ملاذا آمنا لداعش أو لمتطرفين آخرين, بحيث يمكنهم من خلالها تنفيذ أدوار إرهابية مرعبة, علينا في ذات الوقت أن نحمي أصدقاءنا وحلفاءنا. هذه تشكل مصالح جوهرية بالنسبة لنا. أبعد من ذلك, فإن لدينا مصلحة هامة في تخفيف وطأة الكابوس الإنساني الذي يواجهه ملايين الأبرياء على امتداد الشرق الأوسط وحماية طرق وصول إمدادات الطاقة إلى الولايات المتحدة والحلفاء الآخرين في العالم.
هناك اتفاق واسع, لم يصل لحد الاجماع, بأن وجود قوة مقاتلة كبيرة لضمان توحد سوريا ليس أمرا ضروريا لحماية مصالحنا.
على الولايات المتحدة أن تبقى نشيطة في المنطقة دبلوماسيا وعسكريا. علينا أن نستمر في تقديم المساعدات المخابراتية والاقتصادية والعسكرية وتدريب أصدقائنا وحلفائنا, واستخدام القوة الجوية لدعم القتال البري. علينا أن لا نستثني أي استخدام مستقبلي للقوات الخاصة, ولكن بصورة انتقائية.
أهدافنا الطموحة في إحلال الديمقراطية في المنطقة يجب أن تؤجل. وعلينا أن نتقبل بأن الكثير من المشاكل في المنطقة تفوق قدرتنا على حلها. في حالة سوريا, فإن على الولايات المتحدة أن تتقبل بأن هناك نتيجة غامضة في سوريا ربما تتضمن تقسيم البلاد.
جزء من حساباتنا يجب أن يتمثل في في أن لدى سياسة الولايات المتحدة الخارجية التزامات ومصالح أبعد من تلك الموجودة في الشرق الأوسط, ويجب أن لا نسمح لأنفسنا أن نُستهلك في محاولة تصميم حلول في سوريا على حساب حماية مصالحنا الأساسية في أماكن أخرى.
النقطة الأساسية هي إن علينا أن نميز ما بين مصالحنا الجوهرية وتلك المهمة, وتقديم ما يتطلب من موارد لحماية مصالحنا الجوهرية, وان نرضي مصالحنا الهامة من خلال مساعدة أصدقائنا وحلفائنا لتحقيق أهدافنا المشتركة.
ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي