تباينت آراء المحللين، حول مدي استفادة تركيا من توتر العلاقات الإيرانية السعودية الحالية، ودخول السلع التركية الأسواق الخليجية، كبديل عن الإيرانية، خصوصاً، بعد قطع العلاقات الدبلوماسية السعودية مع طهران، وتبعتها البحرين والسودان والكويت، وذهاب التوقعات بمزيد من التصعيد الخليجي والعربي مع إيران، خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ، الذي ستستضيفه القاهرة الأحد المقبل.
وحسب الاقتصادي التركي أوزجان أونيصال فإنه: “لا يمكن النظر لتطور العلاقات التركية مع السعودية، من منظور استغلال سوء علاقتها مع إيران، لأن البلدين يسعيان لزيادة حجم التبادل التجاري المتواضع، نحو 6 مليارات دولار، قبل الأزمة بين الرياض وطهران، فضلاً على أن تركيا، تاريخياً، تلعب دور الوساطة الإيجابية بنزاعات من هذا النوع، ووجدنا رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، كيف دعا الرياض وطهران إلى التهدئة، في الوقت الذي أدان فيه الهجمات التي تعرضت لها البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران.
وقال إن الحكومة التركية ستبذل قصارى جهدها للوصول إلى أجواء السلام، وهو الموقف نفسه الذي عبّر عنه المتحدث باسم الحكومة التركية نعمان كورتولموش، من أن التوتر بين المملكة العربية السعودية وإيران يزيد، للأسف، من حدة الاحتقان في منطقة الشرق الأوسط، المتوترة أصلًا، وأن تركيا ترغب بخروج الدولتين من حالة التوتر في علاقاتهما الثنائية بأسرع وقت”.
ويضيف أونيصال الذي عمل لسنوات بالمملكة السعودية لـ “العربي الجديد”: أن تركيا سعت مؤخراً، لزيادة حجم التبادل وتطوير العلاقات الاقتصادية مع السعودية، من خلال وفد اقتصادي كبير رافق الرئيس أردوغان بزيارته نهاية العام الفائت، وأن لدى تركيا فائض إنتاج زراعي، وخاصة بعد تدهور العلاقات مع روسيا، ولديها صادرات من المنتجات الغذائية التي تحمل شهادة “حلال” بنحو 860 مليون دولار، العام الفائت، وهي الأغذية المطلوبة بالخليج والسعودية.
وكانت الثورة السورية قد قرّبت، بحسب مراقبين، من العلاقات بين الرياض وأنقرة، خلال السنوات الأخيرة، كما باعدت مواقف طهران الداعمة لنظام بشار الأسد، من العلاقات، مع كلا البلدين الداعمين لثورة السوريين.
ويقول الأكاديمي بجامعة القصيم عماد الدين أحمد: شهدت العلاقات التركية السعودية أخيراً تطورات مهمة، تضاعف خلالها حجم التبادل التجاري، بسبب مواقف تركيا الداعمة للشعوب العربية وثورة السوريين، فضلاً عن التطور الاقتصادي الهائل الذي شهدته تركيا بزمن حزب “العدالة والتنمية” ورغبة كلا البلدين بتحسين علاقاتهما الاقتصادية نظراً للثقل الاقتصادي الذي يتمتعان في الاقتصاد الإقليمي والعالمي بعد دخول الدولتين نادي العشرين الكبار وكل منهما يمتاز بخصائص اقتصادية تكاملية وغير تنافسية.
وأضاف الأكاديمي أحمد: تعتبر تركيا من الموردين الأساسيين لكثير من السلع الغذائية والمنتجات الإلكترونية والأجهزة المنزلية، للسعودية. وهي من أهم وجهات الاستثمار العقاري والسياحي بالنسبة لشريحة واسعة من السعوديين والخليجيين عموماً ولاسيما خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وحول إمكانية سد تركيا ما قد تسببه القطيعة للسعودية مع طهران، يختم الأكاديمي أحمد: إن قطع العلاقات السياسية والتجارية بين المملكة وإيران، ليس عاملاً مهماً تحتاج فيه المملكة إلى البحث عن أسواق لمنتجاتها تبعاً لحجم ونوعية التبادل التجاري المتواضع بين إيران والسعودية، والذي لا يزيد عن 150 مليون دولار.
وهنا “أقترح”، يقول أحمد، أن يتم “التركيز على توريد السلع الغذائية والفواكه التركية التي بالكاد قد تعرّف عليها المستهلك في الأسواق الخليجية، واعتبار قطاع الصناعة التركية مجالاً مهماً لكلا الاقتصادين للاستثمار المشترك، والذي يمكن دعمه من خلال مجلس رجال الأعمال المشترك بينهما”.
وتشهد العلاقات التركية السعودية، تحسناً ومضاعفة حجم التبادل، فتركيا الطامحة لإيصال الناتج القومي إلى تريليوني دولار، في 2023، تتلاقى مع الطموح السعودي الساعي إلى تقليل اعتمادها الاقتصادي على عائدات النفط بتنويع الصادرات في مجالات أخرى.
ووفقا لتقارير رسمية، فقد بلغ عدد المشاريع المشتركة بين البلدين حوالي 159 مشروعاً، منها 41 مشروعاً صناعياً، 118 مشروعاً في مجالات غير صناعية تختلف باختلاف نشاطاتها، وبرأس مال مستثمر يبلغ مئات ملايين الدولارات.
ويقول رجل الأعمال ناصر فرج الرويلي من الرياض، علاقاتنا الاقتصادية متنامية مع تركيا، على عكس العلاقة مع إيران التي يقتصر الاستيراد منها على السجاد وبعض الغذائيات كالدجاج.
العربي الجديد