تواجه مهمّة الموفد الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، لجمع المعارضة والنظام على طاولة التفاوض في 25 يناير/كانون الثاني الحالي، في مدينة جنيف السويسرية، صعوبات وعراقيل، ربما تدفع باتجاه تأجيلها إلى موعدٍ لاحق. وتؤكد مصادر في المعارضة السورية أن “الجانب الروسي يسعى وراء تعطيل مهمة دي ميستورا، بسبب إصراره على التدخّل في وفد المعارضة، وفرض أسماء حليفة له لتشارك في التفاوض مع النظام”.
وتصرّ الهيئة العليا للتفاوض، المنبثقة عن مؤتمر المعارضة السورية، والذي عُقد أوائل شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، في العاصمة السعودية الرياض، على “أنها لن تقبل بفرض أسماء من جهات خارجية، وأنها لن تشرع في أي مفاوضات مع النظام، ما لم يُرفع الحصار عن مدن سورية بدأ الجوع يفتك بسكانها، ويتمّ إطلاق سراح المعتقلين، وإيقاف قصف المدن السورية من الطيران الروسي ومقاتلات النظام”.
في هذا السياق، يقول عضو “الائتلاف الوطني”، فايز سارة، إن “المناخات لا توحي أن المفاوضات ستعقد في موعدها المحدد، لأنه لم تُتخذ إجراءات عملية بعد بهذا الاتجاه”. ويكشف في حديثٍ لـ “العربي الجديد”، أنه “لم توجه، حتى الساعة، أي دعوات، ولم تُناقش أجندات التفاوض مع الأطراف المعنية”.
ويؤكد سارة أن “الهيئة العليا للتفاوض المنبثقة عن مؤتمر الرياض الموسع للمعارضة، هي الجهة الوحيدة المخولة بتشكيل وفد المعارضة التفاوضي”. ويضيف: “لا يحقّ لأي طرف، سواء روسيا أو إيران أو الأمم المتحدة، فرض أسماء معيّنة على المعارضة”، متسائلاً: “لماذا يحقّ لهم التدخل في الأسماء التي تمثّل المعارضة، ولا يحق لنا أو لأطراف أخرى، التدخل في تحديد أو إضافة أسماء على وفد النظام المفاوض؟”.
ويعرب سارة عن اعتقاده أن “هناك محاولات روسية إيرانية لتعطيل الاجتماع، أو تجييره لصالح نظام بشار الأسد”، مشدداً على أن “فكّ الحصار عن المدن السورية المحاصرة من قبل قوات النظام ومليشيات تساندها، وإدخال مساعدات إنسانية، وإطلاق سراح المعتقلين، ليست محل مساومة، وهي خارج نطاق التفاوض. لأنها حقوق إنسانية تنصّ عليها قرارات الأمم المتحدة، ويجب التقيّد بها من دون شروط”. ويلفت إلى أن “حصار المدن وقتل المدنيين جوعاً، هي جريمة حرب من المفترض أن يحاسب مقترفها”. ويطالب سارة بـ”إجراءات بناء الثقة، وتوفير بيئة مناسبة للتفاوض من خلال إيقاف الطيران الروسي، وقوات النظام والمليشيات الإيرانية عن قصف المدنيين بشكل يومي، وتدمير مقدرات الشعب السوري”.
من جانبه، يشير الأمين العام لـ”الائتلاف”، يحيى مكتبي، لـ “العربي الجديد”، إلى أن “عقد المفاوضات في الموعد المقرر يعتمد على المناخات الدولية”. ويشدّد على أن “المعارضة مصرّة على تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بسورية، قبل الجلوس على طاولة التفاوض مع النظام. وتدعو المعارضة إلى فكّ الحصار عن المدن والبلدات السورية المحاصرة من قبل قوات النظام، والمليشيات المساندة له، وإدخال المساعدات الإنسانية الفورية وإطلاق المعتقلين. وتعتبر أن هذه الخطوات ضرورية لبناء الثقة قبيل البدء في المفاوضات”.
ويلفت مكتبي، في سياق حديثه، إلى أن “ما تقوم به روسيا وإيران والنظام من قتل للمدنيين واستهداف للمعارضة المسلّحة وتدمير المستشفيات ومستودعات الأغذية، لا يؤكد أن لديهم نية جادة للتفاوض”. ويطالب الموفد الأممي بأن “يكون حيادياً ونزيهاً”.
ويشير إلى أن “الائتلاف لمس أن دي ميستورا يتجاوب مع الضغوط الروسية والإيرانية، فروسيا تبحث عن معارضة وفق قياس الأسد، كي تتقاسم معه حكومة لا طعم ولا لون ولا رائحة لها، تكون الوزارات السيادية فيها بيد النظام”.
ويصرّ الجانب الروسي على فرض أسماء معيّنة على وفد المعارضة للتفاوض، في حين أن الولايات المتحدة ترى أن الهيئة التفاوضية المنبثقة عن مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، تمثّل هذه المعارضة، ولا ضرورة لإضافة أسماء أخرى يحوم الشكّ حول موقفها من النظام، من قطاعات واسعة من السوريين.
وقد سرّبت مصادر إعلامية أسماء 15 شخصاً تتشبث روسيا بوجودهم في قائمة وفد المعارضة، لعل أبرزهم حليفا الروس، هيثم مناع، زعيم تيار ما يسمّى اختصاراً بـ “قمح” (قيم، مواطنة، حقوق)، وصالح مسلم زعيم حزب “الاتحاد الديمقراطي” الكردي، والذي شكّل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي “قوات سورية الديمقراطية”، والتي تضمّ خليطاً من فصائل عسكرية كردية وتركمانية وعربية، لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش). كما تضم القائمة الروسية أسماء أخرى، وهو ما ترفضه الهيئة العليا، والتي تصرّ على أنها الوحيدة المخولة اختيار وفد المعارضة إلى جنيف.
من جانبه، لا يبدو السفير السوري السابق في السويد، بسام العمادي، متفائلاً لجهة عقد المفاوضات في موعدها، أو تحقيقها أي نجاح. ويعتبر العمادي أن “الواقع مظلم في ظلّ التدخل العسكري الروسي لصالح نظام الأسد، في حين يحجم العرب والأتراك عن دعم المعارضة السورية المسلّحة”. ويعرب عن اعتقاده أن “الجانب العسكري في المعادلة السورية يتحكم بالجانب السياسي”.
ويرى العمادي، في حديثٍ لـ”العربي الجديد”، أن “عقد المفاوضات في موعدها المحدد يبدو صعباً، في الوقت الراهن”، مشيراً إلى أن “اللجنة العليا للمفاوضات المنبثقة من مؤتمر الرياض للمعارضة، قد تضطر في النهاية للذهاب إلى طاولة التفاوض”. ويردف أن “الروس مؤمنون بأنهم قادرون على تغيير الوضع بالكامل لصالح الأسد، ويعملون على كسب الوقت من دون مفاوضات أو بمفاوضات على قياس الأسد، حتى يتمّ تحقيق نصر عسكري على الأرض، يجبر المعارضة على قبول حكومة وحدة وطنية، وليس هيئة حكم انتقالية”.
العربي الجديد