انتهجت الإدارة التركية سياسة منصفة ورحيمة فيما يتعلق بموضوع اللاجئين منذ بداية الأزمة السورية، حيث فتحت أبوابها لأكثر من 3 ملايين لاجئ. لكن أيضا هناك شريحة من المجتمع التركي ترفض هذا التوجه وتنتهج سياسة عنصرية ضد اللاجئين وصلت في بعض الأحيان إلى حد الإيذاء الجسدي لبعضهم. نحمد الله أن هذه الشريحة هي قلة قليلة من المجتمع التركي وليس لها أي تأثير، إضافة إلى ذلك، أثرت سياسة الحكومة التركية المِضيافة بشكل كبير في توجهات الشعب التركي المتعلقة باللاجئين. أظن أننا ندين لها لبنائها استراتيجية تقوم على الإنسانية والرحمة والإنصاف فيما يتعلق بموضوع اللاجئين منذ بداية الأزمة السورية عام 2011.
من جهة أخرى تُعد عودة اللاجئين السوريين والمقدر عددهم بـ3 ملايين لاجئ في تركيا إلى وطنهم في القريب العاجل أمرًا صعبًا جدًا، وهذا يُحتّم على الإدارة التركية مساعدة هؤلاء اللاجئين في الاندماج بالمجتمع التركي، وذلك لسببين رئيسيين: 1- اندماج هذه الموارد البشرية في المجتمع يرتقي باقتصاد الدولة ويساعد في تطورها. 2- في حال عدم اندماج هؤلاء اللاجئين في المجتمع فإن ذلك سيتسبب بزيادة المشاكل الإجتماعية وزيادة نسبة الجريمة في الدولة. لذلك الخطوة التي قامت بها الحكومة والتي تقضي بإعطاء الجنسية التركية للاجئين في حال استوفوا الشروط (التي من بينها اتقان اللغة التركية) سيساعد في اندماجهم بالمجتمع وتجنب المشاكل الاجتماعية في المستقبل.
هذه الخطوات المقتصرة على الجانب الثقافي لا تكفي لجعل هذه الموارد البشرية فاعلة في المجتمع، إذ أنه يجب على الإدارة التركية أيضا وضع استراتيجية شاملة ودقيقة وسهلة التطبيق فيما يتعلق بتعليم الأطفال السوريين الذين هم أساس ومستقبل هذا المجتمع. ولكن من جهة أخرى أيضا، من الخطأ قول إن الحكومة لا تفعل ما يلزم فيما يتعلق بهذه القضية، إذ أن هناك خطوات تقوم بها الحكومة فيما يتعلق بهذا الموضوع سنحت لي فرصة الاطلاع عليها خلال الاجتماع الذي دعت إليه عقيلة الرئيس أردوغان والذي ضم عددا من النساء السوريات بجانب عدد من مسؤولي الوزارات المختلفة والمؤسسات المدنية.
من هذه الخطوات:
– إنشاء وزارة التعليم العالي التركية منصة نظام معلوماتي للأكاديميين الأجانب تساعدهم على أخذ دورهم التعليمي في الجامعات التركية.
– تنظيم وزارة الأسرة التركية دروسا تعليمية لمساعدة النساء اللاجئات على أخذ دورهن الفاعل في المجتمع وتقديم الدعم النفسي للعائلات التي تعاني من أزمات نفسية جراء الحروب المستعرة في بلادهم.
– اتخاذ وزارة التربية والتعليم التركية لكافة الخطوات اللازمة لحصول جميع الأطفال اللاجئين على حقهم التعليمي وإتمام مراحل التعليم، وكبداية لذلك قامت بتنظيم دروس تعليم اللغة التركية للفئة الابتدائية في المراكز التعليمية الحكومية.
– قامت وزارة العمل التركية بإصدار حوالي 15 ألف تصريح عمل للسوريين على الأراضي التركية.
– في الطرف الآخر تواصل جمعية الهلال الأحمر التركية تقديم المساعدات إلى المواطنيين السوريين داخل الأراضي السورية. وفيما يتعلق بذلك صرح رئيس جمعية الهلال الأحمر التركية (كرم كينيك) بأن جمعيته تقوم بإدخال أكثر من 100 شاحنة مساعدات يوميا إلى الجانب السوري.
– قامت وزارة الصحة التركية بوضع قانون خاص يتعلق بحصول جميع اللاجئين على حق العلاج المجاني من جميع المراكز والمستشفيات الحكومية.
كل هذه الخدمات لن تكون ذات فائدة إن لم يتم تطويرها والحفاظ على استمراريتها بما يتناسب مع أوضاع اللاجئين. وكما قلنا سابقا إن اندماج هذه الفئة في المجتمع سيكون شرطا مهما للحيلولة دون وقوع مشاكل اجتماعية قد تنتج مع بعض الشرائح في المجتمع التي ترفض اللاجئين وترفض حصولهم على هذه الخدمات المجانية التي يرون أن من حقهم الحصول عليها أيضا دون الأجانب. ويجب على الحكومة العمل على هذه القضية بشكل مكثف وعقلاني للخروج بنتائج إيجابية تساعد الجميع على العيش بسلام في مجتمع يتقبل جميع الفئات، وللتغلب على جميع العقبات التي تحول دون ذلك يجب التعامل مع السوريين كأبناء وطن وليس كضيوف.
ترك برس