اتهم رئيس كتلة نواب المستقبل فؤاد السنيورة حزب الله بشكل غير مباشر لكن “بوضوح” بالمشاركة في “الجريمة ضد الإنسانية ” التي تمارس بحق المدنيين السوريين في بلدة “مضايا” السورية التي لا تبعد عن الحدود اللبنانية سوى بضعة كيلومترات فقط.
السنيورة رد على المواقف التصعيدية التي أطلقها رئيس كتلة نواب حزب الله محمد رعد في اليومين الأخيرين ضد تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري والتي جاءت بالتزامن مع المواقف التصعيدية التي أعلنها أمين عام الحزب حسن نصرالله والتي كانت خارج الأعراف السياسية والمصلحية للبنان ضد المملكة العربية السعودية وساهمت في توتير الأجواء الداخلية اللبنانية على خلفية مذهبية.
واتهم السنيورة حزب الله بالتعاون مع النظام السوري في “الجريمة ضد الانسانية” التي تشهدها مدينة مضايا، ووصفها بانها “جريمة بحق الانسانية ووصمة عار على كل من يشارك فيها او يصمت عليها” مؤكدا أن هذه الجريمة ” لن تمحوها كل التبريرات العسكرية والسياسية والاعلامية”، مؤكدا على الدعوة الى “انهاء كل انواع الحصار في كل المدن السورية” في اشارة إلى رفضه للحصار المضروب على مدينتي نبل والزهراء في حلب وكفريا والفوعة في ادلب والتي يتخذها حزب الله ذريعة لتشديد حصاره لمدينتي الزبداني ومضايا.
ووصف السنيورة موقفه حول مضايا “بالصرخة” ووضعها أمام مجلس الامن الدولي ودعاه لتسريع تحركه لوقف هذه الجريمة “النكراء” بحق المدنيين في مضايا. معربا عن أمله بان ” لا يكون حزب الله مشاركا فيها” معتبرا أن مشاركة الحزب في هذه الجريمة “سيكون له انعكاسات على الشعبين اللبناني والسوري”.
تأجيل جلسة انتخاب رئيس
وجاءت مواقف السنيورة بعد انتهاء الجلسة البرلمانية رقم 34 المخصصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية والتي انتهت كغيرها من الجلسات التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، الى الفشل في ظل استمرار مقاطعة نواب حزب الله والتيار الوطني الحر (العوني) واعلن عن تأجيلها الى 8 من فبراير المقبل، ما يعكس بشكل واضح استمرار تمسك فريق 8 اذار برفض اي تسوية في موضوع رئاسة الجمهورية خاصة المبادرة التي طرحها رئيس الوزراء السابق سعد الحريري والتي تبنى فيها ترشيح النائب سليمان فرنجية المحسوب على تيار 8 اذار.
تفعيل العمل الحكومي
وفي موازاة هذا الفشل المتجدد على صعيد الانتخابات الرئاسية، تنصب الجهود السياسية في لبنان على ضرورة العودة الى دعوة تفعيل العمل الحكومي في ظل تعذر الاتفاق على رئاسة الجمهورية، وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها رئيس الحكومة تمام سلام بالتعاون مع رئيس البرلمان نبيه بري، فان امكانية انعقاد مجلس الوزراء تواجه العديد من الصعوبات على الرغم من اعراب الرئيس سلام عن أمله بان تثمر الجهود المبذولة بانعقاد الجلسة يوم الاثنين المقبل، فيما اعرب الوزير رشيد درباس – وزير الظل المرافق للرئيس سلام- عن امله بان يتم الاتفاق على توزيع جدول اعمال الجلسة هذا اليوم – الخميس 7 يناير – اي قبل 72 ساعة من موعد انعقاد الجلسة.
وفي مقابل الموقف الواضح والمباشر الذي أعلنه الوزير (المستقل) بطرس حرب اكد انه “يعارض” مبدأ تفعيل عمل الحكومة على حساب انتخاب رئيس للجمهورية. اكدت مصادر مواكبة لمساعي تسهيل انعاقد جلسة مجلس الوزراء، اكدت ان الاجواء السياسية قد تحمل مؤشرات ايجابية تمهد الطريق لانجاح انعقاد الجلسة الوزارية، خاصة في ظل الحاجة الداخلية لتسهيل اي تحرك يساهم في تخفيف التوتر الحاد القائم بين طرفي الصراع على الساحة السياسية، اي فريقي 8 و14 آذار.
ورأت هذه المصادر ان العقدة الابرز تكمن لدى التيار الوطني الحر وحزب الله فيما يتعلق بآلية اتخاذ القرار داخل مجلس الوزراء، اضافة الى مبدأ التعاطي مع التعيينات الادارية.
وقالت هذه المصادر ان المشاورات بين قطبي 8 اذار تنصب على رفض ما يطرحه رئيس الورزاء السابق ورئيس كتلة تيار المستقبل فؤاد السنيورة حول آلية اتخاذ القرار داخل مجلس الوزراء، الذي يطالب باعتماد مبدأ التصويت على القرارات باكثرية الثلثين، وهو ما تعتبره قوى 8 آذار يتعارض مع ما تم الاتفاق عليه سابقا حول هذه الالية التي تقضي بان تتخذ القرارات بموافقة جميع الوزراء انطلاقا من مبدأ ان سلطة رئيس الجمهورية تنتقل الى مجلس الوزراء مجتمعا، وان تترك القرارات الخلافية جانبا الى حين الاتفاق عليها.
وتؤكد المعلومات حول الحوارات التي تدور بين الفرقاء اللبنانيين حول تفعيل العمل الحكومي، ان حزب الله يعتقد ان المرحلة الداخلية والاقليمية تفرض عليه التخفيف من حدة التوتر الداخلي، خاصة بعد المواقف التصعيدية التي اعلنها رئيس كتلة نواب الحزب محمد رعد ضد رئيس تيار المستقبل سعد الحريري مؤخرا وتحدث فيها عن رفضه لعودة الحريري إلى لبنان، ورفض الحزب أيضا التسوية الرئاسية.
وتفيد هذه المعلومات، انه دخل في حوارات جدية مع حليفه في التيار الوطني الحر الجنرال ميشال عون للتوصل الى تسوية تتعلق بآلية التعيينات الادارية، انطلاقا من “غض النظر” عن التعيينات التي جرت في المرحلة السابقة خاصة ما يتعلق بالتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، والتمديد لضباط قيادة الاركان، وان يتم التأكيد والاتفاق على المرحلة المقبلة لجهة “اعتماد مبدأ التعيين الجديد ورفض مبدا التمديد” خاصة في استكمال هيئة قيادة الاركان في الجيش، ولاحقا الادارات الاخرى.
وتشير هذه المعلومات أن الأجواء بين الحزب والتيار العوني تكشف عن امكانية التوصل إلى توافق حول هذه النقطة، انطلاقا من مساعي الحزب لتخفيف حدة الاحتقان بسبب المواقف الاخيرة التي اتخذها أمين عام الحزب ورئيس كتلته البرلمانية.
الحوار الثاني المستقبل – حزب الله
وحسم الرئيس السنيورة الجدل والنقاش الدائر منذ أيام حول جدوى الحوار الثنائي بين تيار المستقبل وحزب الله بترجيح كفة استمرار الحوار في اجواء من التفاهم على ضرورة هذا الحوار مع حزب القوات اللبنانية.
وأكد السنيورة أن موضوع الحوار بين المستقبل والحزب “خاضع للبحث” معيدا التأكيد باسم كتلة المستقبل بالقول”ونحن نتمسك بالحوار” مشيرا الى الخلافات في المواقف داخل تيار المستقبل حول الحوار مشددا ان “تيار المستقبل يتسع للاختلافات ولكن ليس فيه خلافات”.
واعتبر السنيورة إن مهمة الحوار هي “خفض منسوب التوتر والعودة الى التعقل في الطرح وعدم الانزلاق من خلال العبارات والمواقف التي تؤدي الى ذهاب العقل” مشيرا الى ان “لا مصلحة لاحد على الاطلاق في استمرار التشنج المذهبي”.
من جهته أكد نائب رئيس القوات اللبنانية النائب جورج عدوان إن لبنان عاش في الاسبوع الاخير “اجواء من التوتر السياسي غير مسبوق” معتبرا ان هذه “الاجواء تتطلب منا هدوء اكثر والمطلوب ان نزن كلامنا بشكل اكبر لمنع التصعيد”.
ووصف جورج عدوان موقفه من استمرار بالحوار بأنه “دعوة صادقة لتبريد الاجواء” معتبرا ان “الحوار الذي يحصل بغض النظر عن النتائج التي قد يسفر عنها يجب ان يستمر” مشيرا الى ضرورة العمل أيضا على تفعيل عمل الحكومة .
كما وصف عدوان استمرار الحوار بين المستقبل وحزب الله بانه “يحافظ على الشعرة بينهما ” لان لبنان “وصل الى حد من التشنج المذهبي لا يخدم احدا.
الحزب يرد على اتهامات مضايا
لم يتأخر حزب الله في الرد على الاتهامات التي وجهها الرئيس السنيورة فيما يتعلق بمشاركته في الجريمة الانسانية التي ترتكب بحق المدنيين من سكان بلدة مضايا السورية. اضافة الى حملة عامة في الاعلام ولدى الرأي العام الشعبي واجواء حملتها شبكات التواصل الاجتماعي ضد حزب الله ودوره في هذه الجريمة الانسانية.
الاعلام الحربي في الحزب والذي ينطق باسم الجهاز العسكري فيه، اصدر بيانا مفصلا حاول فيه تبرير مشاركته في المعارك السورية، خاصة دوره في الحصار المضروب على بلدات الزبداني ومضايا وسرغايا في القلمون السوري.
الحزب اعتبر في بيانه أن ما يجري هو “حملة مبرمجة بهدف تشويه صورة المقاومة، اذ لا يتحمل مسؤولية ما يجري في البلدة سوى الجماعات المسلحة التي تتخذ من مضايا رهينة لها ولداعمي المسلحين من جهات خارجية”.
واختبأ الحزب في بيانه وراء ما تتعرض له بلدات نبل والزهراء في حلب وكفريا والفوعة في ادلب وبعض بلدات دير الزور من حصار تفرض فصائل المعارضة السورية، محملا المقاتلين في مضايا مسؤولية ما آلت له الامور الانسانية في هذه البلدة، خاصة بعد ادخال كميات من المساعدات الانسانية في اطار اتفاق الزبداني الأخير.
قناة الحدث