يجمع مراقبون على أن نجاحا كبيرا قد تحقق في تنفيذ البند الخاص بتبادل الجرحى من اتفاق “الزبداني-الفوعة وكفريا”، لكن الآراء تختلف في أبعاد هذا النجاح، ومدى إمكان تعميم هذه التجربة على مناطق أخرى.
تعد عملية تبادل الجرحى بين منطقة الزبداني في ريف دمشق وبلدتي الفوعة وكفريا في ريف إدلب، أحد بنود اتفاق غير مسبوق، يختلف عن كل اتفاقات الهدنة أو التبادل التي جرت في سوريا، من عدة أوجه، أهمها أطرافه، والجهات الراعية له، والدول التي سهلت تنفيذه.
فالاتفاق كان ثمرة مفاوضات طويلة، تمت بين وفد إيراني عن النظام السوري وحزب الله اللبناني، ووفد من حركة أحرار الشام عن المعارضة المسلحة، وتم تنفيذه برعاية أممية، وتسهيل من تركيا ولبنان، وبوساطة من المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان “لايف”، وهيئة الإغاثة الانسانية وحقوق الإنسان التركية “IHH”.
اتفاق إنساني
يقول المحامي نبيل الحلبي مدير مؤسسة “لايف” التي توسطت في تنفيذ التبادل، إن الاتفاق هو إنساني بالدرجة الأولى، ولا يشمل تغييرا ديموغرافيا للمناطق ولا خروجا للمقاتلين، كما أشاع إعلام النظام السوري.
وأكد أن مؤسسته ترفض التدخل في أي اتفاق يتضمن تهجيرا قسريا للمدنيين، كما حدث سابقا في حمص القديمة، حيث رعت الأمم المتحدة اتفاقا جبريا يقضي بإجلاء المدنيين قسرا من أحيائهم، وهو برأيه تشجيع للنظام على الاستمرار في سياسة تجويع الأهالي، بهدف إجبارهم على ترك مناطقهم، كما هو الحال في معضمية الشام والغوطة الشرقية.
ويشدد الحلبي على أن المهم الآن بعد نجاح تنفيذ البند المتعلق بتبادل الجرحى، هو فك الحصار المحكم الذي تفرضه قوات النظام على منطقة الزبداني، وفتح ممرات إنسانية دائمة لإدخال المساعدات الإغاثية والطبية للمدنيين المتواجدين في بلدتي مضايا وبقين.
وأوضح أنه لا يمكن قبل ذلك الحديث عن الانتقال للبنود الأخرى، وحذر من أن عدم إدخال المساعدات قد يشكل تهديدا للاتفاق بكامله، في حين أن هذه التجربة يمكن تطبيقها في مناطق أخرى إذا أراد الطرفان ذلك.
اتفاق استثنائي
ويرى مسؤول بالمجلس المحلي في الزبداني رفض الكشف عن هويته، أن هذا الاتفاق استثنائي، وتم في ظروف خاصة يصعب أن تتوفر في مناطق أخرى.
لكنه يعتبر أنه رغم النجاح الذي تحقق في تنفيذ بند تبادل الجرحى، فقد كان منقوصا، إذ لم يتم إخراج كل عائلات الجرحى مثل ما كان مفترضا.
ويضيف أن المواد الإغاثية لم تصل للمدنيين المحاصرين في المنطقة، مؤكدا أن تأخر ذلك أدى لأوضاع إنسانية غاية في الصعوبة، وتسبب في موت عدة مدنيين.
رعاية أممية
ونتيجة لظروف مماثلة يعيشها المدنيون في معضمية الشام بريف دمشق، يتم الحديث عن إمكان عقد اتفاق مشابه، لكن مسؤول التواصل مع المنظمات في المعضمية عمار أحمد يقول إن هذا غير ممكن، نتيجة لاختلاف الظروف في المنطقتين.
وأضاف أن الرعاية الأممية أو الدولية قد تعد ضمانة لتنفيذ اتفاقات مختلفة في المعضمية أو غيرها، لأن النظام لا يلتزم بالاتفاقات، فمنذ التوصل إلى الهدنة في المعضمية قبل عامين، قام بخروقات كثيرة، سواء بمنع إدخال المواد الغذائية والطبية إليها، أو بقصفها وقنص المدنيين فيها، وأخيرا بمحاولة اقتحام الحي الجنوبي منها.
ويرى أحمد أن الصفقات التي تتضمن خروجا للمقاتلين أو الأهالي من مناطقهم هدفها إفراغ المناطق الثائرة على النظام من سكانها، وهي ليست خطوة في طريق التفاوض أو الحل السياسي، وإنما في اتجاه تقسيم سوريا، بعد إجراء تغيير ديموغرافي فيها، من خلال التهجير القسري للأهالي وبرعاية من الأمم المتحدة.
المصدر : الجزيرة