أنقرة – أكدت السلطات التركية الأربعاء أنها كشفت هوية منفذ الاعتداء على ملهى في إسطنبول ليلة رأس السنة علما بأنه لا يزال فارا، فيما اعتبر الرئيس رجب طيب أردوغان أن الهجوم يرمي إلى إثارة الانقسام في المجتمع.
وقال وزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو لوكالة أنباء الأناضول “تم التعرف على هوية منفذ اعتداء إسطنبول الإرهابي”، دون كشف اسم مرتكب الاعتداء الذي أدى إلى مقتل 39 شخصا وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عنه.
ونشرت السلطات صورا عدة للرجل الذي يشتبه في تنفيذه الهجوم، الأول الذي يتبناه تنظيم الدولة الإسلامية على الأراضي التركية.
وأورد الإعلام أنه تم صباح الأربعاء اعتقال 20 شخصا على الأقل يشتبه في علاقتهم بالتنظيم المتطرف في مدينة أزمير غرب تركيا، فيما تسعى السلطات إلى معرفة ما إذا كان لدى الرجل شركاء.
وقالت وكالة أنباء الأناضول إن هؤلاء يتحدرون من بلدان في آسيا الوسطى وسوريا. والثلاثاء أعلن الإعلام التركي أن منفذ الاعتداء قد يكون من قرغيزستان أو أوزبكستان.
من جهته اعتبر الرئيس التركي الأربعاء أن الاعتداء “يهدف إلى إثارة الانقسام والاستقطاب في المجتمع، هذا واضح جدا”، لا سيما بعدما وردت رسائل على مواقع التواصل تنتقد نمط حياة قتلى الهجوم في الملهى.
لكن الرئيس الإسلامي المحافظ سعى إلى الطمأنة في خطابه العلني الأول بعد الهجوم وأكد أنه “ليس من تهديد منهجي لنمط حياة أحد في تركيا. لن نسمح بحدوث ذلك”، مضيفا “سنبقى صامدين وسنحافظ على هدوئنا”، لافتا إلى أن “هذه الاعتداءات تهدف إلى دفعنا لتفضيل عواطفنا على المنطق”. ولطالما تعرض أردوغان نفسه الذي تولى السلطة عام 2003 كرئيس وزراء لاتهامات بمحاولة أسلمة تركيا وتعميق الانقسامات في المجتمع.
إلا أن السلطات مصرة على أن تركيا ستبقى متمسكة بعلمانيتها وأن التغيير خلال فترة حكم أردوغان هدفه فقط منح المسلمين المزيد من حرية العبادة.
وكانت هيئة الشؤون الدينية التركية أصدرت بيانا في ديسمبر قالت فيه إن الاحتفال برأس السنة لا يتوافق مع القيم الإسلامية وهو ما أثار انتقادات من بعض قطاعات المجتمع التركي. وأدانت الهيئة هجوم إسطنبول على الفور.
ومع اعتقالات الأربعاء يرتفع عدد الموقوفين إلى 36 شخصا على الأقل في إطار التحقيق، بينهم زوجة منفذ الاعتداء.
وكانت بداية العام دامية بالنسبة لتركيا مع مجزرة الملهى الليلي بعد أن هزتها عام 2016 محاولة انقلاب وسلسلة هجمات ارتكبها جهاديون أو متمردون أكراد.
وقرر البرلمان التركي الثلاثاء تمديد حالة الطوارئ المطبقة منذ الانقلاب الفاشل في يوليو، ثلاثة أشهر. وتقول الحكومة إن الخطوة التي تبناها البرلمان ضرورية لمواصلة حملة التطهير من مؤيدي رجل الدين عبدالله كولن المُقيم في الولايات المتحدة والمتهم بتدبير محاولة انقلاب يوليو.
وفرضت حالة الطوارئ أول مرة بعد محاولة الانقلاب التي وقعت يوم 15 يوليو الماضي ثم تقرر تمديدها في أكتوبر، وهي تتيح للحكومة تجاوز البرلمان في سن قوانين جديدة والحد من الحقوق والحريات أو تعليقها عندما ترى ضرورة لذلك.
وتتهم أنقرة كولن ومؤيديه بأنهم وراء محاولة الانقلاب وهو ما ينفيه رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة.
وقال نعمان قورتولموش نائب رئيس الوزراء أمام البرلمان قبل إجراء التصويت “بهجوم اورتاكوي أرادوا أن يبعثوا برسائل مختلفة مقارنة بالهجمات الإرهابية
الأخرى. إحدى الرسائل: سنظل نثير المشكلات في 2017. ولكن ردنا واضح بغض النظر عن أي منظمة إرهابية ينتمون إليها وبغض النظر عمن يدعمهم وبغض النظر عن دوافعهم.. نحن عازمون على محاربة جميع المنظمات الإرهابية في 2017 وسوف نقاتلهم حتى النهاية”.
واحتجزت تركيا أكثر من 41 ألفا إلى حين محاكمتهم بشأن ما يتصل بمحاولة الانقلاب من إجمالي 100 ألف تم التحقيق معهم.
وتعرض نحو 120 ألفا وبينهم أفراد من الجيش والشرطة ومعلمون وقضاة وصحفيون للوقف عن العمل أو الفصل منذ وقوع الانقلاب وإن كان الآلاف منهم قد عادوا إلى مواقعهم.
وكان المعتدي المسلح ببندقية هجومية أقدم أمام الملهي الليلي الواقع على البوسفور في الضفة الأوروبية للمدينة على قتل شخصين في الخارج قبل أن يدخل المبنى ويطلق النار عشوائيا. وتعتقد السلطات التركية أن المهاجم مدرب جيدا على استخدام السلاح، كما نقلت وسائل الإعلام المحلية، نظرا إلى استخدامه قنابل دخان لإرباك ضحاياه، وتصويبه على رؤوس الحاضرين لإيقاع أكبر عدد من القتلى.
وذكرت صحيفة “خبرتورك” الأربعاء أن المهاجم بعد ارتكابه مجزرته استقل سيارة أجرة ودفع ثمن الانتقال بمال اقترضه من مطعم اويغوري في منطقة زيتينبورنو في الشطر الأوروبي لإسطنبول.
وأشارت وسائل إعلام عدة مطلع الأسبوع إلى أن المهاجم أقام خلال نوفمبر في كونيا (جنوب) مع زوجته وأولادهما لتجنب إثارة الشكوك.
وبعد الاعتداء بدأت عملية مطاردة لتوقيف الفاعل الذي فر من الملهى الليلي بعد أن أبدل ملابسه. وتوالت التكهنات الثلاثاء حول قرغيزستاني في الـ28 من العمر يشبه المهاجم إلى حد كبير، لكن تبين أن لا أساس لها. ويتزامن اعتداء إسطنبول مع مواصلة الهجوم البري التركي باتجاه مدينة الباب في شمال سوريا لطرد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية منها. كما يوجه الجيش التركي أيضا ضرباته في شمال سوريا للمقاتلين الأكراد.
وفي بيان التبني اتهم تنظيم الدولة الإسلامية تركيا بالتحالف مع “النصارى” في الحرب عليه، في إشارة إلى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي يقود المواجهة ضد التنظيم الجهادي.
وقال البنتاغون إن التحالف نفذ لأول مرة عملية دعم جوي للقوات التركية التي كانت تواجه صعوبات الأسبوع الماضي قرب مدينة الباب.
وفي هذا الشأن أكد أردوغان في خطابه الأربعاء أن مسألة الباب “سيتم حلها قريبا جدا”.
العرب اللندنية