يجدُ اللبنانيون في “عاصفة الحزم” شأنا محليا سيتداعى حتما على واقعهم، كما يجدون في الاتفاق الدولي مع إيران بشأن برنامجها النووي، استحقاقا داخليا سيحددُ مستقبل التعايش السياسي في بلدهم. وبين هذا وذاك يتنفسُ لبنان الهواء القادم من سوريا قلقا على أمنه المباشر وعلى توازنه الديمغرافي والاجتماعي والاقتصادي. في ذلك أن الحالات الحوارية السنّية الشيعية بين تيار المستقبل وحزب الله، وتلك المسيحية المسيحية بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، ستبقى في قناعات اللبنانيين تمرينا فلكولوريا محليا لا يرقى إلى مستوى الاتفاق على اسم الرئيس العتيد القادر على تخليص موقع الرئاسة من قدر الغياب المسيحي عن قصر بعبدا.
يستبدل اللبنانيون صيغة “س – س” (السعودية – سوريا) بصيغة “س – إ” (السعودية إيران). على أن الرياض وطهران بعيدان عن احتمالات التوافق والحوار حول قلب غبار الميادين. الرياض تعتبرُ اليمن خطاً أحمر يبررُ التدخل السعودي المباشر، فيما سوريا هي خط أحمر إيراني لن تسمح طهران بالمسّ به. لكن السريالية، مع ذلك، أن يجري في لبنان حوارٌ بالوكالة بين الرياض وطهران على طاولة حزب الله وتيار المستقبل، فيما تجري وطيس الحرب بالوكالة في اليمن. يعكسُ الخطاب التصعيدي السعودي (سفير الرياض في بيروت) اللبناني (نهاد المشنوق) ضد إيران، تبدّل التوازنات وتراجع هيمنة طهران الأحادي على قرار بيروت.
وسط هذا الضجيج يراقبُ لبنان، كل لبنان، بمعسكريه التقليديين، معارك درعا والجوار (بتعبيراتها الخليجية) وإدلب (بتعبيراتها التركية)، كما معارك عدن والضالع وصنعاء وصعدة. ففي تغيّر خطوط التماس البعيدة تغير مباشر للتوازن اللبناني الداخلي الراهن والمقبل. ومن نهايات تلك المعارك يتحددُ، يوما ما، مصيرُ قصر بعبدا وساكنه الجديد، في حيوية تلك العلاقة تفسيرٌ للهجة العالية التي يستخدمها السيّد حسن نصر الله أمين عام حزب الله في الهجوم على السعودية بوتيرة غير عادية، كما تفسير لما ترددَ عن دعوة رئيس البرلمان نبيه بري لاستضافة حوار اليمنيين في لبنان.
العربمحمد قواص