“من وين بجيب مصاري بتحبي صير حرامي ومرتشي لأشتريلكن الي بدكن ياه”، بنبرة غاضبة يرد أبو هاني على زوجته التي بدأت “موشحها اليومي” بحسب مايسميه، عندما طلبت منه شراء حاجيات المنزل الأساسية من مواد غذائية وبعض الأمور المعيشية الأخرى التي لا يمكن الاستغناء عنها، فيخرج مسرعا من بيته قائلا كلماته المعتادة:” الله يجازي الي كان السبب وخلانا نعيش ببلدنا مذلولين”.
أبو هاني نموذج لكثير من السوريين الذين أنهكتهم الحرب فدفعوا ثمنها باهظا، فقد كان موظفا في إحدى مؤسسات الدولة في مدينة ادلب قبل تحريرها منذ عامين، لكن خوفه من الاعتقال منعه الالتحاق بوظيفته في مناطق النظام ليضطر للبحث عن عمل يؤمن لعائلته قوت يومهم، إلا أن قلة فرص العمل وتدني المستوى المعيشي في معظم المناطق المحررة حال دون ذلك.
ومع الارتفاع المتكرر لسعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية ارتفعت معه أسعار جميع أنواع المنتجات في الأسواق، الأمر الذي أثر سلبا على الحركة فيها فباتت شبه خالية باستثناء أسواق الخضار التي تشهد حركة طفيفة، فقد استغنت العائلات الفقيرة عن كثير من المواد الغذائية كاللحوم والفاكهة والحلويات وغيرها، كما اختصرت الوجبات من ثلاث إلى اثنتين كحل لتخفيف المصروف الكبير والذي يقسم الظهر وسط هذا الغلاء.
الحال ليس بأفضل في مناطق سيطرة النظام فراتب أكبر موظف في الدولة لا يتجاوز 100 دولار أي ما يعادل 55 ألفا، حيث نشر تلفزيون الخبر التابع للنظام تقريرا اقتصاديا صدر حديثاً عن الزراعة والأمن الغذائي في سوريا، أن “50% من الأسر السورية يقترضون لتوفير الغذاء، وأن” ناتج الإنتاج المحلي من الزراعة انخفض من 240 مليار ليرة سورية عام 2010 إلى 146 مليار ليرة عام 2016 بتراجع بلغت نسبته 50%، بالرغم أن ناتج العام 2015 كان ممكن أن يصل حتى 308 مليار ليرة لولا الحرب”، وأضاف التقرير أن “قطاع الزراعة كان يمثل حوالي 18% من الناتج المحلي العام، ويشكل 33% من الصادرات، ويوفر فرص عمل لـ 17% من إجمالي اليد العاملة حتى بداية الحرب في سوريا”.
اعتدنا على زيف إعلام النظام ومراوغته فدوما يلقي اللوم في فشله على مايسميها الحرب والمجموعات المسلحة التي تسببت بدمار الاقتصاد وتراجع سعر الليرة مقارنة بالعملات الأخرى، لكن الواقع الذي يشهد له الجميع ينافي ذلك، فغارات الطيران الحاقدة تسببت بدمار المناطق المحررة الخارجة عن سيطرته بما فيها المنشآت الصناعية والأراضي الزراعية، فالحرب ضاقت ذرعا بكذبهم ونفاقهم والشعب وصل لمرحلة من الفقر والذل بسبب ذلك ليعيش فيها وبحسب أقوال أبو هاني فقط من يسرق ويرتشي.
مجلة الحدث _ سماح الخالد
اقتصاد