تبدأ الحكومة الفرنسية الاثنين مناقشات حول إسلام فرنسا على أمل ترسيخ الديانة الثانية في هذا البلد بشكل أفضل “في قيم الجمهورية”، وسط نقاشات محتدمة، في بلد ضربته عدة اعتداءات جهادية.
وتشهد فرنسا سجالاً سياسياً محتدماً وصلت أصداؤه إلى الخارج، بدأ مع حظر لباس البحر الإسلامي “البوركيني” على بعض الشواطئ الفرنسية هذا الصيف.
غير أن المسؤولين المسلمين يأملون أن تسمح هذه المشاورات، التي تجري برعاية وزير الداخلية برنار كازنوف، بتهدئة نبرة النقاش.
ورأى أنور كبيبيش، رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الهيئة التمثيلية الرئيسية لمسلمي فرنسا الأربعة ملايين تقريباً، أن “هذا الحدث الإيجابي سيضع حداً لقضية البوركيني”.
وسجلت حوادث مؤخراً في فرنسا كشفت عن حدّة التوتر المرتبط بالإسلام، ومنها رفض صاحب أحد مطاعم ضواحي باريس السبت تقديم طعام لامرأتين محجّبتين.
وقال كازنوف إن “الهدف هو التوصل بكثير من التصميم إلى إسلام فرنسي راسخ في قيم الجمهورية، في ظل احترام العلمانية، وسط الحوار والاحترام المتبادل”.
وستعقد اليوم سلسلة اجتماعات مع مسؤولين ثقافيين وشخصيات من المجتمع المدني وبرلمانيين بهدف تشكيل “مؤسسة إسلام فرنسا” المزمع إنشاؤها.
ويجري العمل منذ أشهر على إنشاء هذه الهيئة، وتم تسريع تأسيسها بعد اعتداء نيس (86 قتيلاً) وذبح كاهن قرب روان على يد جهاديين في تموز/يوليو.
وهدف هذه الهيئة العلمانية، والجمعية الثقافية التي ستتفرع عنها، هو جمع أموال في فرنسا، بما أن الأموال الآتية من الخارج لا تعتبر على القدر المطلوب من الشفافية.
وسيتولى رئاسة الهيئة جان بيار شوفينمان (77 عاماً)، لكن اختيار شخصية غير مسلمة أثار تساؤلات في صفوف المسلمين والطبقة السياسية.
وصرح شوفينمان لـ “وكالة فرانس برس″ “أعتقد أنه بصفتي وزيراً سابقاً للداخلية لم يكن في وسعي رفض المساهمة في هذه الهيئة التي تخدم المصلحة العامة”.
وكان شوفينمان مهّد في 1999 لإنشاء المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.
وقال كازنوف، في حديث نشر مساء الأحد على الموقع الالكتروني لصحيفة “لا كروا”، “ان تولي جمهوري كبير رئاسة هذه الهيئة لدى تأسيسها، والتي ستضم العديد من المسلمين، له أبعاد رمزية بما أن هذه الهيئة الجديدة ستكون جسراً بين الجمهورية ومسلمي فرنسا”.
والتزاماً بضرورة فصل الدين عن الدولة، فإن “مؤسسة الدين الإسلامي في فرنسا”، التي ستخلف في الخريف “مؤسسة أعمال الإسلام في فرنسا”، التي لم تبصر النور في 2005 بسبب الانقسامات الداخلية، لن تعالج سوى قضايا محددة مثل تمويل أطروحات في الدراسات الإسلامية ومنح لتسهيل الحصول على الشهادات الجامعية للتعليم المدني التي تم انشاؤها للائمة ورجال الدين…
وسيضمّ مجلس إدارتها 11 شخصاً بينهم رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية وثلاثة ممثلين عن الدولة.
وسيكلّف “مجلس توجيه” يضم عشرين شخصاً البحث عن المشاريع الواجب تمويلها.
ضمان الشفافية
وستتمم جمعية ثقافية تكون الدولة غائبة عنها هذه الآلية المعقدة، وستتولى تمويل تعليم الفقه للكوادر المسلمين وتشييد المساجد. وقال الوزير “نرغب في أن تمرّ عبرها أموال تضمن شفافيتها: ليست ضريبة بل مساهمة – طوعية يتم التفاوض بشأنها – من أفراد في شبكة الحلال و”هبات الحجاج”.
وترى وزارة الداخلية في إعادة تحريك المؤسسة “مرحلة جديدة”، في عملية تم خلالها الدعوة في حزيران/يونيو 2015 ثم آذار/مارس 2016 لـ”هيئة حوار” موسعة من شأنها التعويض عن أوجه القصور في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.
وقال كازنوف “الهدف هو إبراز الديانة الإسلامية في فرنسا بصورة طوعية في إطار احترام مبادئ العلمانية والحوار والاحترام المتبادل الذي يقوم على قيم الجمهورية”.
ورأى أنور كبيبيش أن “منح المؤسسات الإسلامية الوسائل المالية سيساهم في ترسيخ دورها في الوقاية من الفكر المتطرف خصوصاً من خلال إعداد الأئمة”.
وأضاف أن “الجميع يتخذ موقفاً بناءً لإنشاء هذه المؤسسة لتكون فعالة هذه المرة”.
القدس العربية