يقول المحلل السياسي “ألكسندر جاديش” أن سورية ومع اقتراب إكمالها أربع سنوات من الحرب، تراجع فيها شكل الدولة، لصالح مجموعة من الكيانات المتحاربة، مما يجعل القوى الكبرى أكثر عزوفاً عن التدخل فيها على الرغم من أنها تهدد أمن المنطقة برمتها.
وأضاف جاديش أن الولايات المتحدة دخلت الحرب في سورية هذا العام بعد ثلاث سنوات من قول الرئيس الأميركي “باراك أوباما” إن على بشار الأسد التنحي. لكن الولايات المتحدة فعلت ذلك مجبرة خاصة بعد التقدم الخاطف لما يسمى تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وتابع أنه “بعد سقوط 200 ألف قتيل وتشرد الملايين يمكن أن تزداد سورية تمزقاً لأسباب كثيرة أضيف إليها الانخفاض المفاجىء في أسعار النفط في ديسمبر /كانون الأول. هذا الضغط الاقتصادي الإضافي سيجعل من الصعب على أي طرف إحراز تقدم حاسم”.
وبرأي جاديش فإن محاولات إيجاد “حل سياسي” تقول القوى الدولية إنه الطريق الوحيد للمضي قدماً ربما في صورة تسوية بين المعارضة ونظام الأسد قد تبددت، وليس من الواضح من سيكون طرفاً في أي حل مستقبلي. فأقوى الجماعات المناوئة للأسد هي “تنظيم الدولة” و”جبهة النصرة”. ويمقت الغرب التنظيمين مثلما تفعل روسيا وإيران اللتان تدعمان الأسد.
ويقول محللون إن القوى الغربية ومعارضي الأسد الإقليميين مثل السعودية يرون الآن أن الجماعات المهيمنة في الحرب لا يمكن دعمها مما يحد من خيارات تلك الدول.
وتقول واشنطن إن دعم معارضي الأسد “المعتدلين” جزء من استراتيجيتها. لكنها بقصف مواقع “تنظيم الدولة” يومياً وشن بعض الغارات على مواقع “جبهة النصرة” أطلقت يد سلاح الطيران التابع للأسد لقصف معارضين آخرين في أماكن أخرى.
وتلعب الميليشيات الموالية للأسد دورا في الصراع أكبر من أي وقت مضى. وقالت لينا الخطيب مديرة مركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت إن كثيرا من أمراء الحرب يبرزون على الساحة في البلاد مما يجعل من الصعب على الحكومة السيطرة عليهم وهو ما يزيد الضغط على الأسد. وأضافت أنها تعتقد أن 2015 سيكون عام الفوضى الشاملة في سورية.
وفي سياق متصل يرى جاديش أن الانخفاض الحاد في أسعار النفط هذا العام يمكن أن يشكّل ضغطاً على مؤيدي الأسد، إيران وروسيا، وإن كان من غير المرجح أن يوقف البلدان دعمهما تماماً. ويمكن أن يؤثر انخفاض الأسعار على أعداء الأسد أيضا ًوكثيرون منهم يتلقون الدعم من الدول العربية الخليجية الغنية بالنفط.
ويرى جاديش أن مصير الأسد نفسه لا يبدو قريباً من الحسم. فقد استمر الأسد فترة أطول كثيراً مما توقع مراقبون عندما اندلع التمرد ولا يوجد أي مؤشر على أنه سيترك الحكم. حتى لو فقد الأسد الحظوة لدى داعميه الخارجيين فإنهم سيعملون جاهدين على إيجاد بديل.
أما مبعوث الأمم المتحدة للسلام في سورية “ستافان دي ميستورا” فيبدو أنه أدرك أن إيجاد حل شامل للصراع في هذه المرحلة أمر غير عملي، حسب قول جاديش، وبدلاً من حل شامل ركز “دي ميستورا” على التوسط من أجل إيجاد “مناطق مجمدة” تتوقف فيها العمليات العسكرية أو اتفاقيات هدنة محلية في مدينة حلب بشمال البلاد وهي خطة يبدو أنها تقر بواقع دولة مقسمة بين مئات الجماعات المحلية.
في نفس الوقت يستمر تفتت سورية وهو أمر يبدو أنه يفيد لاعباً واحداً فقط هو “تنظيم الدولة” الذي أظهر مهارة كبيرة في إقامة الهياكل الإدارية لملء حالة الفراغ والفوضى التي خلفتها الحرب.