العدد 25 من مجلة الحدث تشرين1/أكتوبر
على بعد عشرات الكيلومترات شرق مدينتي حمص و دمشق وعلى المثلث الحدودي عند التقاء الحدود السورية الأردنية العراقية، يمكث السوريون المهجرون من بطش آلة النظام العسكرية في مخيم الركبان في منطقة صحراوية لا تحميهم من حر الصيف أو برد الشتاء.
بدأت قوات النظام باجتياح المناطق والقرى والبلدات و المدن السورية، وما كان من السوريين إلا النزوح و الهرب إلى مناطق أخرى، بحثا عن مناطق أكثر أمنا، فأنشأ السوريون مخيم الركبان عند الحدود السورية الأردنية لكن ضمن الأراضي السورية، في منطقة صحراوية بعد ما منعت الحكومة الأردنية دخولهم إلى أراضيها.
خيام قديمة مبعثرة هنا و هناك في مناطق صحراوية يعيشها أهالي مخيم الركبان.
يفتقد المخيم لأدنى مقومات الحياة، حصار خانق تفرضه عليهم ثلاث حكومات، دمشق و الأردن و العراق وبرعاية دولية أممية على مرأى و مسمع المجتمع الدولي و حقوق الإنسان .
جوع وعطش و حصار خانق أطبق على المخيم، انعدمت فيه جميع المقومات للاستمرار بالحياة، لا ماء ولا طعام ولا دواء ولاحتى نقاط طبية ولا مشاف.
تُستقبل مرضى المخيم والوفيات باستمرار نتيجة الأوضاع المأساوية التي يعشيها المهجرون، و انعدام الدواء في ظل تفشي الأمراض المزمنة.
عقبات عديدة اعترضت واقع مخيم الركبان، ليس العطش و الجوع و قلة الدواء، فالحر و البرد و العواصف الغبارية يضرب الناس هناك، لأن المنطقة صحراوية لا تحميهم من حر الصيف ولا حتى برد الشتاء تحت هذه الخيم البالية التي قاومت جميع فصول السنة في ظل انقطاع الدعم التام عن المخيم.
أثرت العواصف المطرية التي تعرض لها المخيم منذ أسبوع على وضع المخيم، وأكثر من خمسة عشر خيمة لم تعد صالحة للسكن، وانقطعت الطرقات بشكل شبه تام، بالإضافة لصعوبات فاقت قدرة الأهالي.
وجَّه أهالي المخيم عدة نداءات استغاثة للمجتمع الدولي و للمنظمات الإنسانية و لحقوق الإنسان للنظر في الوضع المأساوي الذي حلّ بالمخيم و لفك الحصار الخانق الذي تفرضه قوات النظام و جميع الدول المجاورة، كان أبرزها حصار الدولة الأردنية التي و بضغط روسي أغلقت جميع المعابر التي تؤدي إلى المخيم، لكن الصمت الدولي و التخاذل العربي إزاء ما يحصل في المخيم و جميع المناطق السورية فاق كل توقع وكشف زيف دعوى الإنسانية العالمية التي طالما نودي بها.
ينظر السوريون بقلوبهم المشفقة والمتألمة في المناطق المحررة إلى المخيم كل يوم، و عاشوا و لا زالوا يعيشون بهذا الوضع يوميا منذ بداية الثورة السورية، لذلك ينظمون وقفات تضمانية مع حال المشردين الضعفاء في المخيم لاستجداء حق العيش و لتوفير أدنى مقومات الحياة من ماء و طعام و دواء و خيمة بسيطة للعيش داخلها علها تقي قليلا من حر الصيف أو برد الشتاء القادم.
عدد الوفيات في تزايد مخيف نتيجة قلة الرعاية الصحية، فقد توفي في الأسابيع الفائتة أكثر من خمسة عشر مدنيا بعد أن تخلت آخر النقط الطبية عن رعاية أهالي المخيم، كما أن طوابير طويلة من البشر الجوعى والعطشى تنتظر دورها للحصول على القليل من الماء للشرب أو الحصول على رغيف للخبز.
هذا هو الحال في مخيم الركبان شرق حمص، حصار خانق نفذته قوات النظام و آلته العسكرية بأسلوب ممنهج ، اشترك معهم في تطبيق سياسة التجويع و العطش و قطع الدواء دول الجوار الأردن و العراق، بإشراف مجلس الأمن و المجتمع الدولي و حقوق ما يسمى “الإنسان”، تعالت الأصوات من داخل المخيم وأصدر المشردون نداءات الاستغاثة، لكن أسمعت إذا ناديت حياّ .. لكن لا حياة لمن تنادي! ماذا أصاب العرب؟ و ماذا حلَّ بالمسلمين؟ هل من مجيب ؟! هل من معين يرد ؟!
مجلة الحدث _ حسان محمود