في شرق سورية الحبيبة, وعلى نهر الفرات العظيم تقع مدينة “الميادين” التابعة إدارياً لمحافظة “دير الزور”, من أهم تسمياتها السابقة هي مدينة “الرحبة”, بالإضافة لكونها موقعا أثرياً هاماً في منطقة حوض المتوسط, تبعد مدينة الميادين عن مركز المحافظة “دير الزور” حوالي 45 كيلو مترا على الجهة الجنوبية الشرقية منها, وسط سهلٍ خصيب من حوض الفرات, ويعمل غالبية سكانها في مجال الزراعة, وقسم لا بأس به منهم يزاول التجارة, ومن أهم آثارها هي “قلعة الرحبة” الشهيرة.
يبلغ عدد سكانها قبل اندلاع أحداث الثورة السورية حوالي “80” ألف نسمة, وسميت بالميادين نسبة لميادين القتال, حيث أن المدينة لها جذور تاريخية قديمة جداً, وقد جرت معارك عديدة في ساحاتها وذلك لما لها ولقلعتها من أهمية تاريخية.
يشعر العديد من سكانها كحال الجميع من سكان المناطق الشرقية, ومحافظة دير الزور خصوصا بالتهميش المقصودً رغم أن المدينة المذكورة والمحافظة عموماً تذخر بالعديد من الثروات المعدنية والنفطية والسمكية والزراعية, إضافة لتمتعها بوجود عدد كبير من الكفاءات العلمية والسياسية والاجتماعية, لذلك شكل اجتماع هذه العوامل وعلى رأسها عامل التهميش الاجتماعي, أرضية خصبة لبدء أبنائها بصنع حراك ثوري ينتفض على هذا الواقع المرير, من أجل التمتع بالحرية والكرامة.
لذلك كانت مدينة الميادين من أوائل المدن المنتفضة ضد النظام, بعد أن بدأت دعوات التظاهر السلمي تعم أرجاءها, فالتحق أبناؤها بدايةً بالتظاهرات السلمية التي كانت تخرج في مدينة دير الزور, وكان لهم حضور مميز هناك, وبعد اتساع رقعة الاحتجاجات في مركز المحافظة, قام أهل الميادين بكسر حاجز الخوف في مدينتهم وصنعوا مظاهراتهم السلمية الخاصة بهم, وبالتأكيد قام عناصر النظام بقمع تلك الاحتجاجات بشدة وقتلوا عددا من أبناء المدينة, وعلى إثر ذلك تشكلت عدة كتائب للجيش الحر من أبناء المدينة المنشقين عن قوات النظام, أشهرها كتيبتي “أسود التوحيد”, و”أسامة بن زيد” وعدة كتائب فاعلة أخرى, وقدمت المدينة أكثر من 300 شهيد من أبنائها الثوار والمقاتلين على مختلف الجبهات في البقاع السورية.
وفي تاريخ 22-11-2012 حرّر الثوار والجيش الحر آخر معاقل النظام العسكرية في المنطقة, وهي “كتيبة المدفعية” الواقعة في بادية الميادين بعد حصار دام 22 يوماً متواصلاً, وبذلك أعلن الثوار تحرير كامل منطقة الميادين من قبضة قوات النظام, وقام أبناء الميادين بتأسيس “مجلس محلي” منتخب مهمته إدارة شؤون المدينة.
وقامت كتائب الجيش الحر بالتكفل بحماية المدينة ونشر السلم والأمان فيها, وتعرضت مدينة الميادين بعد تحريرها لعددٍ كبيرٍ من الغارات الجوية التي شنتها الطائرات الحربية التابعة لقوات النظام, وراح ضحيتها العشرات من الشهداء, وشهدت المدينة فيما بعد موجات نزوح إليها من مناطق متفرقة من سورية حتى بلغ عدد سكانها اليوم عتبة “300” ألف نسمة, وهي خاضعة اليوم لسلطة “تنظيم الدولة الإسلامية”.
مجلة الحدث. فادي أبو الجود