في وقتٍ تدور فيه المحادثات الدولية لإيجاد الحل السياسي بين الأطراف المتنازعة في سورية، من خلال الحوار، تكون آلة النظام العسكرية المدعومة من روسيا وإيران ترتكب أفظع المجازر بحق الشعب السوري.
وعند كل مرّة تبدأ فيها العدّة لإيجاد سبلٍ سياسية لحل الأزمة السورية، يسبقها إذن دولي بشكل مخفي على إطلاق يد الأسد في قتل أكبر عدد ممكن من السوريين، وخصوصاً ما يجري على أرض حلب من انتهاكٍ صارخ للقوانين والأعراف الدولية. إذاً ما الذي يحدث؟ وهل باتت سورية مستباحةً دولياً بكل هذه الصراحة؟
لم تكن التغييرات التي طرأت على المواقف السياسية الدولية وليدة المصادفة، وإنّما هي لعبة مصالح دولية، بغرض الاستفادة من سورية، إلا أنّ الموقف الروسي لم يتغيّر منذ البداية في دعمه الأسد، وخصوصاً تصريحات وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف التي تدل على انقلاب جذري بإمكانية الوصول إلى حل سياسي، حيث اعتبر في تصريحاته أنّ الغرب بقيادة أميركا لم ينجح بتطبيق التزاماته في سورية، بينما نجد الموقف الأميركي يكتفي بالاستنكار الكلامي، وتوزيع الملامات من دون أن يحرّك ساكناً في الواقع، وخصوصاً عند استهداف طيران النظام قوافل المساعدات الإغاثية التي كانت موجهة إلى حلب، على الرغم من الاتفاق الروسي الأميركي على وقف القتال لإدخال المساعدات.
سؤال يدور في أذهان الجميع: لماذا لم تستطع الدول، إلى الآن، إيقاف مجازر الأسد، في وقت ندّدت فيه غالبية الدول بذبح الطفل الفلسطيني الذي قتل في حلب على أيدي المعارضة؟
الجواب أننا، في سورية، بعد مضي خمسة أعوام، لم نستطع أن نفهم ألاعيب السياسة التي يتقنها بشار الأسد ومن والاه، لأنّنا بصريح العبارة كنّا مجرّد مدنيين، أجبرهم النظام على حمل السلاح، وبدأ يدّعي مقاتلته الإرهاب.
وعند العودة إلى بدايات الثورة، نجد أنّ الشعب السوري خرج نصرة لأهالي درعا، لكي لا تتكرّر مأساة حماه، بما معناها أنّنا لم نكن مهيّئين لهذه المعركة الطويلة الأجل التي لم تظهر أيّاً من علامات وضوحها في إيجاد حل لها، كما أننا لم نعرف كيف نوّزع أنفسنا في شكل صحيح، فالثورة تحتاج للسياسيين المحنكين الذين يعرفون كيفية التعامل مع نظام يدعمه دهاة العالم، ولمقاتلين يكونون موّحدين تحت راية واحدة، وهي إسقاط النظام.
ما الذي نريده من الثورة؟ علينا تحديد انتمائنا لمن، لمصالحنا الشخصية أو لسورية ككل؟ وبذلك نستطيع العودة إلى المسار الصحيح، حين ندرك انتماءنا لمن، فالإنسان عندما يفقد انتماءه لأسرته يفقد الشعور بالأمان، فكيف يكون الحال عندما نفقد انتماءنا لوطننا؟
أحمد سلوم_العربي الجديد