قالت صحيفة “التلغراف (link is external)” البريطانية في عددها الصادر اليوم، إن نظام بشار الأسد اعتقل رئيس جهاز الأمن الوطني علي مملوك، ووضعه تحت الإقامة الجبرية بعد الاشتباه بتخطيطه انقلاباً على النظام، وتشير الصحيفة إلى حالة الارتياب الكبيرة التي يعيشها الأسد جراء التطورات الأخيرة في سورية.
التقرير الذي نشرته الصحيفة بقلم “روث شيرلوك وكارول معروف” أشار إلى أن النظام وجهة اتهامات لمملوك بعقد محادثات سرية مع دول تدعم المعارضة السورية، بالإضافة إلى شخصيات أخرى منفية من سورية. وأوضح التقرير أن مملوك بدء اتصالاته مع حكومات معادية للأسد ومسؤولين سابقين في النظام، بعدما منيت قوات النظام خسائر كبيرة في مدينة إدلب وجسر الشغور شمال سورية.
ونقل كاتبا التقرير عن مصدر مسؤول في نظام الأسد قوله: إن “مملوك كان يتواصل مع المخابرات التركية عبر وسيط”، وأضافا أن مملوك استخدم رجل أعمال من حلب كوسيط مع رفعت الأسد (عم بشار) الذي نفي من سورية بعد اتهامه بالسعي لإحداث انقلاب في ثمانينات القرن الماضي.
وتشير صحيفة “التلغراف” إلى أن رفعت الأسد رفض التعليق على التقرير، ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع طلب عدم ذكر اسمه أن “هنالك مصلحة كبيرة للمسؤولين والعسكريين في نظام الأسد لعودة رفعت الأسد إلى سورية”.
كما نقلت الصحيفة عن مصادر قالت إنها من القصر الرئاسي لبشار الأسد، أن الأخير يصارع من أجل المحافظة على تماسك “الحلقة الداخلية” لنظامه التي يتزايد انقلاب أفرادها على بعضهم، لافتاً أنه قبل اعتقال مملوك فإن شبكة المخابرات التي فرض الأسد سلطته من خلالها عبر العقود الأربعة الماضية كانت تعاني من الاضطرابات.
وتلفت الصحيفة في هذا السياق إلى وفاة رئيس شعبة الأمن السياسي سابقاً رستم غزالي، بعد إدخاله إلى المشفى إثر تعرضه لعنف جسدي من قبل رجال اللواء رفيق شحادة رئيس المخابرات العسكرية، والذي أقاله الأسد فيما بعد على خلفية الخلاف بينه وبين غزالي.
التدخل الإيراني
وتقول صحيفة “التلغراف” البريطانية إن “الدور الذي تلعبه إيران في الحرب إلى جانب النظام، قيل بأنه هو أساس الخلافات، مع خشية بعض أفراد الحلقة الداخلية من أن يكون للمسؤولين الإيرانيين الآن سلطة أكبر من سلطتهم”. وتضيف الصحيفة أنه توجد قناعة بأن “الإيرانيين قد استلموا قيادة أجزاء كبيرة من الحكومة، من البنك المركزي، وصولاً إلى الاستراتيجية العسكرية”.
وبحسب الصحيفة فإن مصدراً مقرباً من القصر الرئاسي أبلغها بأن “أغلب المستشارين في القصر الرئاسي هم الآن إيرانيون،” مضيفةً: “لقد كره مملوك أن سورية كانت تتخلى عن سيادتها لإيران. لقد اعتقد أن هنالك حاجة للتغيير. ومن المعتقد أن غزالة قد شاركه بهذه النظرة للنفوذ الإيراني”.
وقال عصام الريس، المتحدث باسم فصائل المعارضة السورية في الجبهة الجنوبية، الذين يقاتلون بالقرب من مسقط رأس غزالة في درعا، إن “المعلومات الاستخباراتية التي تم الحصول عليها من الأسرى ومصادر أخرى تبدي أن غزالة كان معادياً بشدة لإيران”، وتابع: “كان يشتكي من أنه ورجاله كانت تتم معاملتهم كحثالة، بينما تتم معاملة الإيرانيين وميليشياتهم كأمراء.”
وأضاف الريس أن “اللواء شحادة اعتقل اثنين من أبناء أخوة غزالة من بلدته لأنهم رفضوا القتال تحت قيادة إيرانية. فذهب غزالة إلى مقر المخابرات العسكرية للدفاع عنهم وإطلاق سراحهم، ولكن هنالك ضربه رجال شحادة. وبعد معاناته من ضرر في الدماغ، قضى غزالة بضعة أسابيع في المشفى قبل أن يعلن النظام موته رسمياً في الرابع والعشرين من شهر نيسان”. وقالت الصحيفة إن “مصدرين آخرين من داخل النظام أيدا شهادة الريس، لكنهما طلبا عدم الإفصاح عن هويتهما”، حسب قولها.
ونوهت الصحيفة إلى أهمية إيران بالنسبة لنظام الأسد، وقالت إن “اقتصاد سورية المترنح كان لينهار على الأغلب لولا تسهيل الديون التي قدمتها طهران – والتي تبلغ أكثر من 15 مليار دولار إلى الآن”. وأضافت أنه عندما ذهب “مسؤولو النظام إلى طهران، كانت الاجتماعات محتدة ومشحونة في بعض الأحيان”، حسبما قال مصدر مقرب من الحكومة الإيرانية لـ”التغلراف”.
وأضاف المصدر أن مسؤولين في النظام قالوا إنهم كانوا يفقدون سيطرتهم على سورية، واقترحوا دراسة إجراء اتفاق مع المعارضة، لكن “الإيرانيين كانوا غاضبين بعدما قدموا المساعدات وأنهم لن يقبلوا بخسارة السيطرة على سورية”.
وختم الصحيفة تقريرها بقول “تشارلز ليستر”، الخبير بشؤون سورية من مؤسسة “بروكينغز”، إن “الأحداث الأخيرة جعلت النظام يواجه موقفه الأخطر خلال أعوام. ويبدو أن إيران هي من تتخذ القرارات الآن. وهذا يعود جزئياً للخوف من انهيار النظام من الداخل. إن طهران تحاول تشكيل جدار من الطوب حولهم”.
السورية نت