أكدت وزارة الدفاع الأمريكية في تقرير صادر الخميس أنها ارتكبت أسوأ خطأ خلال حملتها للقضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية” في الموصل، وهو مقتل 155 مدنيا في 17 آذار/مارس في إحدى غاراته. وكشف البنتاغون أن هذا الخطأ كان ناتجا عن سلوك الجهاديين الذين يستغلون المدنيين في معاركهم دون التفكير في سلامتهم الجسدية.
اعترفت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في تقريرنشر الخميس، بأسوأ خطأ ارتكبته خلال الحملة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” وهي مقتل مئة وخمسة مدنيين في قصف في 177 آذار/مارس في الموصل، لكنها نسبت هذه الحصيلة إلى متفجرات مخزنة لدى الجهاديين الذين يستعملون المدنيين في معاركهم.
ويأتي هذا الاعتراف بينما تدين منظمات غير حكومية ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في عمليات القصف التي يقوم بها التحالف منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي وعد بتسريع القضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وتنفي وزارة الدفاع الأمريكية باستمرار تسبب عمليات القصف التي تقوم بها في سقوط ضحايا.
ويقول العسكريون الأمريكيون إن “قواعد الاشتباك” والإجراءات الوقائية لتجنب سقوط قتلى مدنيين، لم تتغير منذ وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة.
وأوضح البنتاغون أن الخطأ الذي وقع في 17 آذار/مارس مرتبط خصوصا بسلوك الجهاديين الذين لا يترددون في استخدام المدنيين في تكتيكاتهم القتالية بدون الاهتمام بمصيرهم.
ويفيد ملخص التحقيق العسكري الذي نشر الخميس أن القصف كان يستهدف قناصين للتنظيم الجهادي متمركزين في الموصل، وقد جرى بطلب من القوات العراقية لمكافحة الإرهاب التي كانت تقوم باقتحام الحي.
ولم ترصد تلك القوات التي كانت متمركزة قبل العملية بيومين على بعد أقل من مئة متر، وجود عشرات المدنيين الذين لجؤوا إلى منزل بدعوة من مالكه.
وكان التحالف الدولي حينذاك محروما منذ يومين من صور الفيديو التي تلتقطها طائرة بدون طيار بسبب الأحوال الجوية السيئة.
واتخذ القرار بالقضاء على القناصين بقنبلة خفيفة نسبيا من نوع “جي بي يو-38” تزن حوالي 87 كيلوغراما من معادل التي-إن-تي، يفترض ألا تصيب سوى الطابق الذي يتمركزا فيه.
لكن انفجار القنبلة أدى إلى “انفجار إضافي” قوي تسبب في انهيار المبنى بأكمله. وقد علق مئة شخص وشخص لجؤوا إليه وأربعة من الجيران، كما كشف التحقيق.
وقال الجنرال مات إيسلر الذي أجرى التحقيق الميداني للتحالف مع خبراء بالأسلحة والهندسة المدنية، للصحافيين إنه للتسبب بمثل هذه الأضرار يحتاج الأمر إلى حوالي 450 كيلوغراما من معادل التي-إن-تي، أي أكبر بأربع مرات من القنبلة التي استخدمت.
وتوصل المحققون إلى أن تنظيم “الدولة الإسلامية” وضع متفجرات في المنزل، بعدما عثروا على بقايا كيميائية من متفجرات استخدمها الجهاديون مثل النتروغليسرين.
منزل تم تلغيمه عمدا
يشتبه المحققون بدون أن يمتلكوا الأدلة، بأن تنظيم “الدولة الإسلامية” تعمد تفخيخ المنزل من أجل جذب هجوم للتحالف والتسبب بخطأ.
وقال الجنرال إيسلر إن دفع التحالف إلى ارتكاب أخطاء أسلوب تكتيكي معترف به لتنظيم “الدولة الإسلامية”. وأكد أن طائرة بلا طيار للتحالف صورت في 28 آذار/مارس محاولة من هذا النوع للجهاديين.
وأفاد أن تسجيل فيديو يظهر الجهاديين وهم يقودون بالقوة مدنيين إلى مبنى ثم يقومون بتلغيمه، خصوصا بقارورة من غاز البروبين بهدف زيادة تأثير القصف.
ولم يستبعد الجنرال إيسلر أن تتمكن عائلات الضحايا من الحصول على تعويض من البنتاغون “في تعبير عن التعاطف” معهم أمام الخسارة التي منيوا بها.
وقال “في بعض الظروف يمكن للقادة العسكريين التفكير” في دفع مثل هذه التعويضات، مؤكدا في الوقت نفسه أن ذلك لا يشكل اعترافا بالمسؤولية.
وكانت حصيلة المدنيين الذين اعترف التحالف بالتسبب بقتلهم منذ بدء عمليات القصف ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في آب/أغسطس 2014، قد ارتفعت إلى 500 قتيل وقتيل، لكن حوادث عديدة ما زالت تخضع لتحقيقات والحصيلة الواقعية أكبر بالتأكيد.
وأطلقت القوات العراقية يساندها التحالف الدولي لمكافحة الجهاديين بقيادة أمريكية عملية واسعة في منتصف تشرين الأول/أكتوبر لطرد جهاديي تنظيم “الدولة الإسلامية” من الموصل ثاني مدن العراق.
وقد سيطرت في نهاية كانون الثاني/يناير على شرق المدينة وأطلقت في منتصف شباط/فبراير هجومها على غربها المكتظ بالسكان ويشمل البلدة القديمة.
فرانس24/ أ ف ب