فيما النظام السوري يتجمّع الى داخل سوريا وشواطئ المتوسط، للدفاع عن المدن الكبرى حيث يوجد القسم الأكبر من السكان الذين فرّوا من وجه مقاتلي الدولة الاسلامية وجبهة النصرة والثوار السوريين. يقدّر محلّلون عسكريون ان حكم الاسد وصل الى مراحل نهائية من الموت البطيء، وانه امام حلّين: الدفاع عن معقله في دمشق ومعقل طائفته العلوية، او محاولة اللجؤ وعائلته الى دولة من الدول التي تدعمه؟
فإن بعض التفاصيل المسرّبة من لقاءات المبعوث الدولي الى سوريا ستيفان دي ميستورا في جنيف وتركيا مع المعارضة السورية والنظام واجتماعات مجموعة الدول الصناعية السبع في ألمانيا والاجتماع المصغر في باريس مع دول الخليج، فما زال هناك اختلافات بين الجهات الداعمة للنظام السوري مثل ايران وروسيا من جهة، ونواة مجموعة أصدقاء سوريا من جهة اخرى، حول نقطتين أساسيتين هما مصير الرئيس الاسد وأولويات الحرب القائمة في هذا البلد، فيما الهدف للجهتين المحافظة على بنية الدولة السورية والحاجة لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية ومنعه من دخول العاصمة دمشق.
ويبدو حسب مصادر ديبلوماسية ان الموقف الاميركي ما زال متحفّظا لجهة رحيل الرئيس الاسد. وتعتبر العديد من مراكز القرار في الدول الغربية ان الاحداث ستدفع واشنطن الى تغيير نهجها، لأن النظام لم يعد قادرًا على الصمود رغم دعم ايران وحلفائها. والموقف الاميركي نابع من تفاهمات حول الملف السوري، توصلت اليها واشنطن وموسكو. فالولايات المتحدة مع دول غربية وعربية يرغبون بالتوصل الى حلّ سياسي يمنح عائلة الاسد لجوءًا الى روسيا مقابل نقل السلطة الى حكومة مؤقتة تتألف من رموز النظام القدامى والمعارضة حتى يتمّ تحديد موعد لانتخابات حرّة في البلاد.
وهناك ثمة قناعة غربية انه يجب التعاون بشكل أوثق مع موسكو لإيجاد مخرج سياسي للحرب الدائرة في سوريا، وان روسيا هي الجهة الوحيدة القادرة على لعب دور فاعل، ويعود إلى الغربيين إقناعها بأنها غير قادرة على المحافظة على مصالحها في ضوء ما يحدث في سوريا، بعد إنهاك النظام ووجود اختلاف في الأهداف بين روسيا وايران، حيث لإيران اجندتها الخاصة في المنطقة وفي سوريا خاصة.
ومن غير الواضح في هذه المرحلة اذا كان الاقتراح السياسي ممكنًا عملياً، لان الدولة السورية ممزقة والهدف الرئيسي من التوافق الاميركي – الروسي هو محاولة إزاحة الاسد جانبًا، من اجل معالجة مشكلة تكبر يومًا بعد يوم وهي إيقاف تقدّم الدولة الاسلامية في سوريا ومنعها من دخول المدن الكبرى.
وفي هذا الاطار يتمّ طرح فكرة إنشاء قوة استقرار تساهم واشنطن بتدريبها وتأهيلها وتتشكل من ٥٠ ألف عنصر، تكون مهمتها المحافظة على المؤسسات وتوفير الامن، وليس فقط كما تريد واشنطن محاربة تنظيم الدولة.
غير ان أولويات واشنطن ما زالت حتى الآن توقيع الاتفاق النووي مع ايران وعدم الاصطدام معها على ملفات اقليمية ومحاربة التنظيم، اما الملفات الأخرى ورغم تداخلها فبإمكانها الانتظار.
المصدر: جريدة النهار