عادت العلاقات التركية الروسية الى مجراها القديم بعد طول خصام امتد لأشهر منذ 24 نوفمبر الماضي، فما الذي سيحصل بعد هذا؟ في البداية أحب ان اضع النقاط على الحروف واسرد بعضا من الاحداث التي كانت تجري من وراء الستار حسب ما أخبرني به مسؤول رفيع المستوى، فلولا تلك الاحداث والاتفاقيات التي كانت تتم بالخفاء لتفاقمت الازمة واخذت ابعاد أعمق مما كانت عليه.
الاتفاق التركي الروسي الأمريكي
في 16 أيلول من العام الماضي التقى وزير الخارجية التركي فيردون سينير اوغلو نظيره الروسي ميفكجاشي لافروف في سوجي، وتباحثوا فيما بينهم الازمة السورية والتعاون في حرب تنظيم داعش وجبهة النصرة، ووقعوا إثر تلك المباحثات على ورقة تفاهمات ضمت مبادئ اتفق عليها الطرفين وبموافقة ومشاركة امريكية فيما يخص الحل للازمة السورية، وكانت تلك المبادئ تتلخص في: الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ووحدتها بنظام ديمقراطي بعيد عن كل المذهبيات. بعد أسبوع من هذا الحدث وفي 23 من نفس الشهر التقى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بنظيره الروسي بوتن في موسكو وأكدوا تلك التفاهمات وثمنوها، كما وأكدت تركيا موقفها هذا من جديد عندما شاركت في مؤتمر القمة الاممي، لكن المشاركة الروسية في الغطاء الجوي ودعمها لقوات بشار الأسد الذي جرى بعد ذلك فورا ساهم في تدهور وتأزم الأمور.
تدمير الازمة للاتفاقية السابقة
هل كانت الولايات المتحدة الامريكية متفاجئة من التدخل الروسي؟ لا، وظهر ذلك كما رأينا في ردة فعل واشنطن والرسائل التي مررتها للسفارة الروسية، كما وسبق ذلك محادثات بوتن واوباما واتفاقهم على توحيد الجهود من اجل ضرب تنظيم داعش، وزاد الموقف تأكيدا على النوايا الامريكية رضاها من التدخل الروسي. رغم كل ذلك كان الامر مغاير بشكل تام خلف الأبواب المغلقة في انقرة، حيث وكما وصف المصدر رفيع المستوى تفاجئت انقرة بالتدخل وشكلت لديها هواجس كانت بداية لشرخ العلاقات والازمة التي حصلت، وبعد شهرين من ذلك الحدث حصلت الضربة القاصمة في العلاقات بين البلدين عندما اسقطت تركيا الطائرة الروسية، ولم يقتصر تأثير تفاقم هذه الازمة على العلاقات التركية الروسية فقط، بل انسحبت وتوسعت لتشمل واشنطن.
بعد ذلك….
يتحدث المصدر رفيع المستوى ويقول بان الأمور سوف تطور وتستمر من حيث انقطعت، ويجري الحديث في هذه الاثناء كما جاء في لقاء أوباما وبوتن الأسبوع الماضي عن إعادة التنسيق والتنظيم والعمل الثلاثي بين تركيا وروسيا وامريكا، وتجري الان مباحثات التنسيق بين روسيا وتركيا من اجل تنظيم الضربات الجوية والجهد الاستخباري في مواجهة تنظيم داعش، فبينا ستسعى روسيا من خلال ذلك تقوية أوراق بشار الأسد السياسية من اجل مؤتمر جنيف القادم، ستعمل تركيا كذلك على تقوية وتدعيم أوراق المعارضة السورية. ستعود الطائرات التركية الى الأجواء السورية بالتنسيق مع روسيا، كما وسيتم تغيير قواعد الاشتباك في إطار قواعد اشتباك الناتو لكيلا تتكرر حادثة اسقاط الطائرة.
اللقاء مع بوتن
تربط انقرة دعم موسكو لحزب الاتحاد الديمقراطي الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني بتفاقم الازمة بينها وبين روسيا، وهو ما يعني حتمية تغير موسكو لمواقف فيما يخص ذلك الدعم بعد إعادة العلاقات، وفي ذلك ابدى أحد قادة وحدات حماية الشعب الكردي صالح مسلم عدم رضاه عن تطبيع العلاقات التركية الروسية في لقائه مع صحيفة الحياة. ستتكشف تبعات هذا التطبيع شيئا فشيئا خلال الشهر القادم، وستظهر ابعاده الحقيقية في لقاء الرئيسين اردوغان وبوتن وما سيلحقه من مؤتمر التعاون العسكري المشترك الذي سيكون في موسكو.
ترك برس