قررت «مجموعة القاهرة» تلبية دعوة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا المشاركة في مفاوضات جنيف التي تبدأ رسمياً الخميس المقبل على رغم قرار «مجموعة موسكو» التلويح بمقاطعة المفاوضات وسط استمرار حق النقض (فيتو) التركي رفض توجيه دعوات لممثلي «الاتحاد الديموقراطي الكردي» برئاسة صالح مسلم سواء في شكل مباشر أو عبر «مجلس سورية الديموقراطي».
وكان دي ميستورا وجّه أول من أمس دعوة خطية لـ «مجموعة القاهرة» لإرسال قائمة من ثلاثة أعضاء مفاوضين ومستشارين للحضور إلى جنيف بدءاً من الأربعاء للمشاركة في المفاوضات بموجب القرار 2254، الأمر الذي قررت «مجموعة القاهرة» تلبيته وسمّت جهاد مقدسي رئيساً للوفد الذي يضم جمال سليمان وقاسم درويش إضافة إلى مستشارين.
ولم يدع أعضاء «المجموعة» بموجب الدعوة لإجراء «استشارات» كما حصل في الجولة السابقة في جنيف في بداية 2016. كما أن نص الدعوة ليس مطابقاً لتلك التي وجهت إلى المنسق العام لـ «الهيئة التفاوضية العليا» رياض حجاب بـ «موافاتنا بأسماء وفد المعارضة السورية الذي أعلن في 11 شباط (فبراير) ودعوة الوفد للمشاركة في المفاوضات على ألا يتجاوز عدد الوفد 22 شخصاً بحيث يكون موجوداً في جنيف اعتباراً من 20 شباط لإتاحة الفرصة لإجراء مشاورات مسبقة معي (دي ميستورا) وفريقي قبل بدء المفاوضات في شكل رسمي في 23 شباط».
لكن دي ميستورا اعتمد هذه المرة لغة تضمنت اعتبار «مجموعة القاهرة» طرفاً لإجراء مفاوضات بـموجب «البيان الرئاسي مجلس الأمن في 31 كانون الثاني (يناير) الماضي الذي دعا إلى إطلاق عملية سياسية للتوصل إلى حل للأزمة السورية استناداً إلى بيان جنيف الصادر في حزيران (يونيو) 2012 الذي اعتمد بقرار مجلس الأمن 2118 نهاية 2013 وقرارات مجلس الأمن 2254 و2268 و2336 وبيانات المجموعة الدولية لدعم سورية، إضافة إلى أن مجلس الأمن حض الأطراف السورية على المشاركة في المفاوضات من دون شروط مسبقة» لبحث جدول أعمال وضعه القرار 2254، اي: الحكم، الدستور، الانتخابات.
وكتب مقدسي على صفحته في «فايسبوك» أمس: «وصلتنا دعوة من دي ميستورا للمشاركة في جولة مفاوضات جنيف كوفد مفاوض باسم منصة مؤتمر القاهرة للمعارضة (…) وسنحضر احتراماً للعلاقة مع الأمم المتحدة وكي لا نحمّل وزر إفشال أي مساعي تهدف لوقف الحرب ببلادنا وإنجاز الحل السياسي العادل مع أمل تدارك حضور الجهات الغائبة بأفضل صيغة ممكنة، هي الوفد الواحد بمرجعية بيان جنيف والقرار ٢٢٥٤».
وكان مقدسي يشير إلى حلفائه في «مجموعة موسكو» التي لوح منسقها في «جبهة التحرير والتغيير» قدري جميل بمقاطعة المفاوضات. وهو اتهم، بحسب تصريح لـ «روسيا اليوم»، دي ميستورا بـ «عدم التزامه بالـ2254 حول تشكيل وفد المعارضة في الدعوات التي أرسلها للمشاركة في جنيف». وقال إن مفاوضات جنيف «لن تنجح بسبب تركيبة وفد المعارضة. واعتراضنا هذا لا يعني رفضنا لجنيف».
وكان جميل اشترط خفض حصة «الهيئة التفاوضية» لأقل من 50 في المئة من السياسيين وتشكيل وفد مثالثة بين «الهيئة» ومجموعتي موسكو والقاهرة. لكن مصادر «الهيئة» تقول إنها شكلت الوفد بموجب تنسيق مع دي ميستورا بحيث ضم وفدها 50 المئة من ممثلي الفصائل العسكرية وتلك التي شاركت في عملية آستانة، إضافة إلى ممثلي القوى السياسية بما فيها «هيئة التنسيق» التي تمثل قوى الداخل السوري.
وبدا واضحاً أن موسكو تراهن على مسار آستانة بالتعاون مع أنقرة وطهران، لكن دولاً غربية وإقليمية تريد إعطاء الأولوية لمسار جنيف وأن لا يشكل الأول بديلاً من العملية السياسية التي تجري في جنيف برعاية دولية.
وكان دي ميستورا يأمل في تنسيق أكثر بين «الهيئة» ومجموعتي موسكو والقاهرة في تشكيل وفد المعارضة بموجب تفويض القرار 2254، قبل أن يقوم أول من أمس بتوجيه دعوة إلى «مجموعة القاهرة» مع احتمال دعوة «موسكو» في حال لينت من موقفها من شروط المشاركة.
وبرز أول من أمس تطور آخر تمثل بانتقاد ثلاثة أعضاء من «هيئة التنسيق» بينهم خلف داهود وفد «الهيئة» الذي سمي عضواً استشارياً فيه، الأمر الذي قابله المكتب التنفيذي لـ «هيئة التنسيق» بالتلويح بمعاقبة الأعضاء لعدم التزامهم قرار المكتب بتسمية وفد «هيئة التنسيق» في «الهيئة التفاوضية» المنبثقة من المؤتمر الموسع للمعارضة في الرياض نهاية 2015.
وبدا في حكم المؤكد عدم توحيه المبعوث الدولي أي دعوة لممثلي «الاتحاد الديموقراطي» برئاسة مسلم وإن كان تردد اقتراح جميل إضافة شخصية من «مجلس سورية الديموقراطي» الذي يضم أكراداً وعرباً أو ممثل «الاتحاد الديموقراطي» خالد عيسى (الذي التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ضمن شخصيات معارضة) إلى وفد «مجموعة موسكو». وقالت الرئيسة المشتركة لـ «مجلس سورية الديموقراطي» إلهام إحمد لـ «الحياة» أمس: «لم تصلنا أي دعوة إلى جنيف. والفيتو التركي لا يزال قائماً، وهذه حجة تستعملها الأطراف التي تتحدث عن دعوتنا لكن لا تقوم بما يكفي كي ندعى إلى جنيف». وأضافت: «كل ما يصدر عن جنيف لسنا معنيين به».
الحياة