بعد بذل مساع على مدى أشهر لمحاولة إيجاد تسوية عاجلة لأزمة الهجرة التي أخلّت بنظام اللجوء في الاتحاد الأوروبي، تعرض بروكسل الأربعاء “الخيارات” المختلفة المتاحة لمراجعة معمّقة لهذا النظام بهدف تخفيف الضغط عن دول الجنوب.
والهدف هو إصلاح “نظام دبلن” الذي يحدد البلد المسؤول عن النظر في طلبات اللجوء، وهو نظام يثير انتقادات منذ سنوات.
ومع موجة الهجرة المفاجئة والكثيفة التي شهدت تقديم أكثر من 1.25 مليون طلب عام 2015، ظهرت بصورة فاضحة الثغرات في نظام شكّل ضغطا هائلا على نقطتي “الدخول الأول” للمهاجرين، إيطاليا وخصوصا اليونان التي تعاني بالأساس من أزمة اقتصادية تسعى جاهدة للخروج منها.
وأفاد مصدر دبلوماسي أوروبي بأن المفوضية الأوروبية تستعد لطرح خيارين، يستند الخيار الأول إلى النظام القائم فيبقي على وجوب تقديم طلبات اللجوء في بلد الدخول الأول مع إيجاد مخرج في حال التدفق الكثيف للمهاجرين كالذي تشهده أوروبا حاليا من خلال آلية “إعادة توزيع″ كالتي تفاوضت بشأنها الدول الأعضاء الـ28 بصورة عاجلة مرتين عام 2015.
وقال المصدر الأوروبي إن “المطلوب هو تثبيت الآلية العاجلة”، موضحا أن الميزة الرئيسية في هذا الخيار هي أنه يبقي المسؤولية على عاتق دولة الدخول التي تميل أكثر من سواها إلى ممارسة مراقبة أفضل على حدودها، وبالتالي على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.
أما الحل الثاني، فيعود إلى “إعادة توزيع (طالبي اللجوء) بصورة متواصلة” عبر نظام أشبه بنظام حصص. وقال المصدر إن هذا الخيار يحظى بتأييد ألمانيا والسويد، الدولتين اللتين استقبلتا أكبر عدد من اللاجئين منذ سبتمبر الماضي.
وأقرت آلية إعادة التوزيع بصورة عاجلة وبصعوبات كبيرة وترافق إقرارها مع عدة انتقادات. وبعدما اتفقت الدول الـ28 على إعادة توزيع حوالي 160 ألف لاجئ وصلوا إلى اليونان وإيطاليا في ما بينها، فإنها لم تتكفل سوى بـ1111 شخصا فقط حتى الآن.
ويعود جوهر المسألة إلى مفهوم التضامن الأوروبي الذي اهتز بفعل أزمة هجرة غير مسبوقة منذ العام 1945.
وأقر المفوض الأوروبي المكلف بالهجرة ديميتريس أفراموبولوس، مؤخرا، بأنه يتحتم إيجاد “توزيع عادل للأعباء”، فيما اعتبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن آلية دبلن “عفا عليها الزمن في شكلها الحالي”، في كلمة ألقتها أمام البرلمان الأوروبي، في وقت سابق.
وكشفت أجوبة مختلف الدول الأعضاء التي غالبا ما يتم جمعها بصورة فردية، عن حدود التنسيق بين دول الاتحاد في مواجهة أزمة باتت تشكل بالنسبة إلى العديد منها رهانا في قلب سياستها الداخلية.
وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في مقابلة نشرتها صحيفة “بيلد” الألمانية، الأربعاء، إنه “من غير الوارد تكرار ما حصل عام 2015 في العام 2016”.
وأثنى على جهود ألمانيا لاستقبال اللاجئين، غير أنه اعتبر أن “الرد لا يمكن أن يكون أوروبيا حصرا”، محذرا بأن استمرار الوضع على ما هو سيعني “نهاية (فضاء) شنغن والعودة إلى الحدود الوطنية، أي تراجعا تاريخيا”.
وأبعد من نظام اللجوء، تدرس بروكسل أيضا إمكانية تحول مكتب الدعم الأوروبي للجوء إلى كيان “فوق وطني” مكلف بإدارة طلبات اللجوء، على غرار المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية، وفق مصدر أوروبي.
ومن جانبه يسعى الاتحاد الأوروبي بشتى الوسائل إلى احتواء تدفق المهاجرين، مستندا إلى تطبيق اتفاق مع تركيا تم التوصل إليه بعد جهود شاقة في منتصف مارس الماضي، وينص على إعادة جميع المهاجرين الذين وصلوا إلى اليونان بصورة غير شرعية بعد 20 مارس، بمن فيهم طالبو اللجوء السوريون إلى تركيا.
ونددت منظمات حقوقية بشدة بهذا الاتفاق، كما شككت المفوضية العليا للمهاجرين التابعة للأمم المتحدة في قانونية إعادة 13 شخصا كانوا يودون طلب اللجوء، من بين أول دفعة من المهاجرين المبعدين.
العرب