كثيراً ما سمعنا وقرأنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن طرح للعديد من المشكلات في المناطق المحررة التي تسيطر عليها قوات المعارضة السورية نتيجة لتبعات الحرب وما خلفته من سوء الإدارة وضعف الخبرة في القيادة بشكل عام, وكل هذه الانتقادات تم نقلها والحديث عنها بمنتهى الشفافية والموضوعية, ولكن في الطرف المقابل تستمر وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة التابعة للنظام السوري بانتهاج سياسية تزوير الحقائق وإخفاء معالم العديد منها عن مؤيديها رغم كل ما شهدته البلاد من أحداث دامية, وكأن أجهزة الاستخبارات السورية ما زالت تشرف وبشكل مباشر على إدارة كل “شاردة وواردة” في أجهزة الصحافة والإعلام بحيث تستطيع ان تحافظ على تلك الغمامة السوداء والهالة الخلبية التي بقيت ترسمها في اذهان الناس لأكثر من ستة واربعين عام مضت, باستثناء بعض الاخبار التي تنتقد فئة غير مؤثرة عن طريق السماح لأجهزة الإعلام بطرح قضية انتقاد غير مؤثرة.
صورة غير مؤثرة ومضمون مؤثر:
فوفقاً لموقع “سورية الآن” الصحفي الإلكتروني, والذي يعتبر بمثابة موقع يعنى بالأخبار التي تهم مؤيدي النظام الذين يستخدمونها أحيانا كوسيلة “تنفيس” لهم فإن ظاهرة تزوير الوكالات في العاصمة دمشق قد عادت للظهور مجدداً, وأن الاشخاص ينتحلون “الأموات”.
وفقاً للموقع المذكور عادت مشكلة تزوير الوكالات لتطفو إلى السطح من جديد بعد أن تمكنت إدارة فرع الأمن الجنائي في دمشق بضبط عصابة تقوم بتزوير الوكالات بأسماء مغتربين ومتوفين لشراء سيارات وبأسعار كبيرة.
وأفاد الموقع بأن التحقيقات بينت أن هذه العصابة تنتحل شخصيات غادرت البلاد بموجب تلك الوكالات المزورة مشيرة إلى أن أحد أفرادها زوّر ما يقارب 40 وكالة بمعنى أنه انتحل صفة أربعين شخصية.
ونقل الموقع عن لسان رئيس النيابة المختص بتصديق الوكالات “مازن معد” قوله:
“إن هناك كثير من ضعاف النفوس الذين استغلوا ظروف البلد الحالية مؤكداً أن وزارة العدل اتخذت العديد من الإجراءات لوقف تزوير الوكالات من بينها أتمتتها لكيلا يكون هناك أي فرصة للمستغلين بالتزوير”.
وتبقى الأسماء مجهولة:
خبر تزوير الوكالات والذي تحدث عنه موقع “سورية الآن” هو خبر كغيره من الأخبار غير المؤثرة والتي تتحدث عن مشكلة بعيداً عن تناول أسماء الأشخاص المتهمين بها, بحيث تعبر هذه الاخبار عن استمرار انتهاج وسائل الإعلام التابعة للنظام أسلوب المراوغة وتشتيت وتزييف الحقائق بالشكل الذي يجعلها تبدو وكأنها مجرد حالة تنفيس لموجة غضب خفية ضمن أوساط المؤيدين.
إخفاء الفوضى لغاية ما!:
نعود لبداية حديثنا من حيث بدأنا بمقارنة بسيطة بين ما تنقله الوسائل الإعلامية والصحفية الحرة في المناطق المحررة, وبين ما تنقله وسائل إعلام النظام لنجد بعض الفروق الجوهرية بين مصداقية الطرفين, ففي المناطق المحررة هناك فسحة من حرية الرأي باتت تعبر وبشكل صريح عن وجهات النظر الناقدة للعديد من الأخطاء السياسية والاجتماعية والعسكرية, بينما ما زالت وسائل إعلام النظام تهتم بالصورة الغير مؤثرة فقط دون التركيز على المضمون, فتظهر أن الامور مازالت طبيعية حتى اللحظة, وان مظاهر الفوضى والفساد هي تحت السيطرة, وأن الدولة العميقة هي دولة “منزهة” ولا يجب أن تتعرض لأي مظهر من مظاهر النقد “النظام”, في حين تبقى فسحة محدودة لحرية أقلام مقيدة وتعرف سقف كتاباتها جيداً على مبدأ المثل الشعبي القائل “العين لا تعلو عن الحاجب”..
المركز الصحفي السوري-حازم الحلبي.