هل ثمة مصطلح يعبر عمّا يجري في حلب أشد من “القيامة”؟، فالتاريخ بكافة عصوره وأزمنته وعلى اختلاف صفات حكامه بين الجور والعدل، عجزعن تخليد وتوثيق جرائم ومجازر في حق البشرية وانتهاكات في حقوق الإنسان كالتي تحدث في حلب، حتى إسرائيل التي قضينا سنينا في مناهجنا الدراسية نتعلم أنها منبع الصهيونية وعدوة الأمة العربية نفاجأ أن وحشيتها في فلسطين لن تصل لمقدار بسيط من وحشية نظام الأسد، نظام الممانعة والمقاومة بحسب تعبير مسؤوليه.
ذاقت حلب المحررة من الويلات ما يكفيها خلال السنوات الماضية لتكون المدينة رقم واحد في العالم من إحصائيات الشهداء والجرحى والقصف، فصمود أهلها رغم الحصار وعدم قبولهم الرضوخ لسياسة التهجير للخلاص كان كفيلا بمنحهم وسام الشرف فلمثلهم ترفع القبعات احتراما، وبعد تقدم النظام انحصر مايقارب 100 ألف مدني في مساحة صغيرة فاقدين أي رعاية صحية أو غذائية بالإضافة لعشرات الغارات والقذائف الصاروخية التي تنهال عليهم دون توقف أو إعطائهم فرصة للتحرك.
وبعد صمود أهلها وعزفهم عن قبول أي شرط للمصالحة أو التهجير وبعد أن خذلتهم دول العالم أجمع التي جل ماقامت به كعادتها إبداء استيائها وتنديدها بالقول لتلك الجرائم، تم التوصل لاتفاق ينص على وقف إطلاق النار بين الطرفين برعاية روسيةـ تركية ويبدأ تنفيذه اعتبارا من يوم غد الأربعاء 14ـ12ـ2016 عبر حافلات باتجاه ريف حلب الغربي والشمالي.
لعل لاماحدث في حلب أكبر دليل على تواطؤ جميع الأطراف بما فيها قادة الفصائل بالإضافة لمن يدعون أنهم أصدقاء سوريا في نصرة أهالي حلب وفك الحصار عنهم، فانشغلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتحليلات السياسية والعسكرية لمعرفة أسباب هذا الخذلان الذي بدأ مع حصار المدينة منذ أكثر من 4 أشهر تقريبا وانتهى مع انتهاء آخر أمل بإنقاذ من بقي في أحيائها شبه المدمرة والتي تفتقر لأدنى مقومات الحياة .
أصوات احتفالات النصر وزغاريد الفرح تعلو مناطق حلب الغربية، فقد خرج أهلها في ظلمات الليل ليهتفوا للحليفة روسيا التي تحتل سوريا شيئا فشيئا دون علمهم وهم يصفقون ويهللون لها، وفي المقابل علت صرخات الثكالى والأطفال اليتامى في نفس الوقت على وقع الجثث المدماة والملقاة على قوارع الطرقات في ظل البرد والخوف في كافة الأحياء المتبقية من حلب الشرقية، فصمودهم طال أمده ومناشداتهم لم تلق آذانا صاغية إنما اكتفوا بقرار تهجيرهم وترحيلهم من موطنهم باتجاه مناطق لم يتوقعوا قط أن يصلوا إليها.
رغم كل ما جرى فهو ليس بحدث غريب، فخذلانهم كان متوقعا، والنظام باق ويتمدد وجرائمه مستمرة، فأقوالهم ترجمت لأفعال، وأقوال مساندي المعارضة وقادة الائتلاف بقيت حبرا على ورق لم ترتقي لدرجة التنفيذ، لكن دماء الشهداء التي روت أراضي حلب لن تشفع لهم فهي من مسؤوليتهم وسيحاسبون عليها.
المركز الصحفي السوري_سماح الخالد