المركز الصحفي السوري
علي الحاج أحمد /20/2/2015
نتيجة المآسي والنكبات التي تحل بالشعب السوري حيث تجاوز عدد الشهداء، أكثر من 200 ألف شهيد، قدموا حياتهم دفاعا عن حريتنا وكرامتنا نحن السوريين، و تركوا ورائهم عشرات الألاف من الأطفال الأيتام الذين فقدوا آباءهم ومعيلهم في سوريا، ويجب تقديم لهم ما يحتاجون من رعاية صحية وتربوية ونفسية لأطفال الأسرى الذين هم في حكم الأيتام لأنهم امانة في أعناقنا جميعا.
يعيش أطفال سورية نتائج العنف بكل أشكاله: يُقتلون، يُعتقلون، يُخطفون، يفقدون أجزاء من أجسادهم الطريّة ومن أرواحهم أيضاً. دوي المدافع يكاد يصم آذانهم، وأزيز الطائرات يروّع قلوبهم، وأروحهم لا تعرف الراحة، ذهنهم مشتّت ويصعب عليهم التركيز، بينما لا تفارق ذهنهم صور الموت والدم والدمار، والأمر اللأصعب يتجسّد في الأطفال الذين فقدوا أهلهم و أحبتهم، ويفقدوا الإحساس بالحماية، وهي من أهم حاجاتهم النفسية، وبذلك تكون قد دمرت طفولتهم.
لقد إستشهد أبي وهو يدافع عن سوريا ليرفع الظلم عنا، و أنا الآن رجل الأسرة، وروحي أيضاً فداء سورية الحرة، لقد قال هذه العبارات “عمار” إبن الشهيد “مصطفى” الذي إستشهد في بلدة حيش بريف إدلب الجنوبي، أثناء تحرير البلدة من قوات الأسد التي كانت تقصف قرى الريف الجنوبي لمحافظة إدلب بشكل يومي، موقعتاً عشرات الشهداء في صفوف المدنيين، وعندما بدأت معركة تحرير هذه المنطقة لم يتأخر “الشهيد مصطفى والد عمار” عن تقديم نفسه رخيصةً في سبيل رفع الموت والدمار عن المدنيين الذي تقوم به قوات الأسد.
“عمار” إبن 13 عام من بلدة معرة حرمة بريف إدلب الجنوبي، ترك مدرسته وأصبح يعمل بائع للمحروقات (البنزين و المازوت و الكاز) في الشارع الرئيسي للبلدة، حتى يكون معيلاً لأسرته المؤلفة من أمه و إخوته الثلاثة، حيث هو أكبرهم يقول “عمار” بعد أن إستشهد أبي لم يعد لنا معيلاً إلا الله، وأنا أعمل بائع محروقات لكي أصرف على أمي و إخوتي، لكي لا أجعلهم يحتاجون أحد.
كثيراً ما يُلبس المجتمع كل ضحية صغير فقد أخاً أو أباً أو أماً، أدواراً أكبر منه في أيام السلم، فما بالك في أوقات الحرب عندما يدفع الأهل والأحبة أثماناً غالية كل يوم، عندها لا وقت لمراعاة مشاعر الطفل ومراقبه نموّه العاطفي وتوازنه النفسي، ويتأثر الأطفال اليتامى الذين فقدوا أحد الأبوين أو كلاهما سلباً، فتضعف علاقاتهم الاجتماعية بالآخرين ويؤدي انعزالهم والشعور بالوحدة إلى إصابتهم بحالات من الاكتئاب، وإلى إحساس دفين بالحرمان وعدم الاطمئنان وضعف الثقة بالنفس والسلوك العدواني، بالإضافة سرعة الانفعال والاستثارة وحدوث نوبات من الغضب والعناد، إنهم أيتام وضحايا في ظروف خاصة، ويحتاجون إلى عناية خاصة وحماية مضاعفة للحفاظ على أمانهم الداخلي، وكي لا يتمكن تجار الحروب وعديمي الأخلاق والضمير من استغلال هشاشة وضعهم والظروف الخطرة وغير المستقرة التي يعيشونها من دون أهل أو بيت أو أي موارد.
ولا بد بالتذكير أن الثورة السورية أطلقها الأطفال من حيث لا يدرون، هؤلاء الأطفال شاخوا قبل أوانهم، لذا قد يكون الأجدى أن واجب حمايتهم والوقوف ضد الأنظمة التي تقتل طفولتهم.
كما يجب دعمهم مادياً ومعنوياً عن طريق الجمعيات الخيرية التي ترعى وتتكفل الأيتام السوريين.