المفترض ان هذا الرئيس السوري بشار الأسد يُكرّس جزءاً من وقته، بينما وصلت الأوضاع في سوريا الى ما وصلت اليه، لاستعراض أسماء الذين سبقوه الى هذا الموقع، أي موقع الرئاسة، وكيف كانت نهاية كل واحد منهم فالحكمة الأبدية والسرمدية تقول: “السعيد من إتعظ بغيره والشقي من إتعظ بنفسه” والمثل الذي لا شك في انه يعرفه تمام المعرفة يقول: “لو انها دامت لغيرك فلما وصلت اليك”..
ربما أنّه من الصعب حصر الأسماء الذين تناوبوا على كرسي الرئاسة في “القطر العربي السوري” لكثرة الذين وصلوا الى الحكم من خلال: “البلاغ رقم 1” والانقلابات العسكرية وآخرهم وليس آخراً حافظ الأسد الذي إنقلب في عام 1970 على رفاقه الذين إنقلبوا على رفاقهم في عام 1966 لكن وفي كل الحالات فإن المعروف أن: “المواطن الأول” شكري القوتلي كان بداية العقد الطويل حيث كان أول رئيس لما بعد الاستقلال في عام 1946 وكانت وفاته في بيروت التي اضطر للجوء اليها في 1967 لكن جثمانه نُقل الى الوطن الذي أفنى عمره من أجله فدُفن في سوريا بدون جنازة رسمية.
بعد ذلك جاء دور حسني الزعيم الذي داهمه إنقلاب عسكري قبل انْ “يسْخن” كرسي الحكم الذي لم يجلس عليه الاّ لنحو أربعة شهور فقط فأعدم ميدانياً في الشارع العام ومعه رئيس وزرائه محسن البرازي بعد إنقلاب عسكري قاده العقيد سامي الحناوي الذي أضطر للفرار بعد ذلك واللجوء الى بيروت حيث أُغتيل هناك برصاص ابن عم محسن البرازي بعد ذلك جاء دور العقيد أديب الشيشكلي الذي بعد حكمٍ مزدوجٍ في مرحلة من المراحل جرى اغتياله في البرازيل في عام 1964 برصاص شاب درزي اسمه نواف غزاله انتقاماً لما فعله بدروز جبل العرب وهنا فإن هاشم الأتاسي الذي اصبح رئيساً للمرة الثانية بعد مرحلة الشيشكلي هو الوحيد الذي توفي في منزله في حمص في عام 1960.
بعد ذلك جاءت مرحلة الجمهورية العربية المتحدة برئاسة جمال عبدالناصر الذي توفي في عام 1970 في القاهرة بالطبع التي تبعتها مرحلة الانفصال الذي قاده عبدالكريم النحلاوي والذي انتهى به المطاف خارج بلده في المانيا وهكذا وبعد مرحلة مخاض وانقلاب آخر في 28 آذار (مارس) 1962 قام حزب البعث بانقلاب أو ثورة الثامن من آذار (مارس) 1963 حيث اصبح أمين الحافظ رئيساً لنحو ثلاثة اعوام انتهى بعدها بانقلاب عسكري في الثالث والعشرين من شباط (فبراير) أودعه السجن حتى حرب 1967 حيث اطلق سراحه فلجأ لاحقاً الى العراق وبقي هناك حتى الغزو الاميركي عام 2003واسقاط نظام البعث وصدام حسين فعاد بعد ذلك الى سوريا والى مدينته حلب ومات هناك ميتة عادية.. ربما من القهر وضغط خيبات الامل.
بعد ذلك جاء دور نور الدين الاتاسي ابن العائلة الحمصية التي اعطت سوريا عدداً من كبار القادة والرؤساء والذي كان التحق مع اثنين من رفاقه هما الدكتور يوسف زعين والدكتور ابراهيم ماخوس بالثورة الجزائرية كأطباء فالمعروف انه اختير ربما بدون رغبة منه رئيساً لسوريا بعد حركة شباط (فبراير) عام 1966 وكانت النهاية في زنازين المَزة بعد انقلاب حافظ الاسد 1970 ولسنوات طويلة فكانت نهايته بالاغتيال البطيء مثله مثل عدد من رفاقه الذين رافقهم ورافقوه في مرحلة المعاناة والعثرات الكثيرة.
فهل يا تُرى ان هذا الشاب الذي هبطت عليه رئاسة دولة، انتهى معظم رؤسائها وقادتها قتلا في المنافي القريبة والبعيدة، باحدى ضربات القدر يستعرض كل هذا التاريخ الدامي في هذه الايام الصعبة بينما تنتظره مفاجآت كثيرة؟ هل يا تُرى ان هذا الرئيس الذي لم تشهد سوريا في عهد اي رئيس قبله حتى بما في ذلك والده ما شهدته في عهده يستعرض كل ليلة بعد ان يأوي الى فراش النوم أسماء الرؤساء السوريين الذين لحق بعضهم رصاص الثأر حتى البرازيل، وهل يتصور في لحظة خلوة بالذات ان اعداد الذين اصبح لهم عنده ثأر قد تجاوزت مئات الالوف.. وهذا إن لم تصل الى الملايين.
الرأي الأردنية