يسترجع الكاتب التاريخ القريب بالقول قبيل استفتاء تموز (يوليو) 2000، الذي نصّب بشار الأسد وريثاً لأبيه، ولتقاليد نظام الاستبداد كما كرّسته ‘الحركة التصحيحية’؛ ذكّرت شخصياً بأنّ نسبة التصويت في الاستفتاءات على رئاسة الأسد الأب لم تهبط مرّة واحدة عن الرقم الشهير 99′، واعتبرت بالتالي أنه إذا تكرّر هذا الرقم أو معادله (أيّ كلّ ما هو أعلى من الـ 90′) فإنّ الأمر سوف يكون النذير الأبكر على أنّ الابن لن يختلف عن أبيه في تزوير الإرادة الشعبية. أمّا إذا شاء الفتى أن يقنع الشارع السوري، والعالم بأسره، بصدق نواياه في ‘تغيير’ أحوال البلاد، فإنّ الوسيلة الوحيدة والمثلى هي تنظيم تصويت ديمقراطي حقّ، تتوفّر فيه الغرفة المغلقة والمراقبون الدوليون المحايدون (كما يحدث في زيمبابوي والبيرو ونيجيريا وكازاخستان…): إذا حصل المرشح الأوحد على أقلّ من 50′ من مجموع المقترعين، فإنّ الواجب يفرض عليه أن يتنحى باعتباره المرشح الوحيد.يتساءل الكاتب هل تغيّر مرشّح حزيران 2014، عن مرشح حزيران 2007، ومرشّح تموز 2000؟ بالتأكيد، وسبحان الذي يغيّر ولا يتغيّر: لقد تغيّر، نحو الأسوأ في السجلّ السياسي، والأشرس في تشديد القمع، والأوضح في تشجيع الفساد والنهب؛ كما تبدّل من رأس نظام عائلي وطغمة فاشية، إلى قاتل أطفال بكلّ سلاح ممكن، بما في ذلك الكيماوي، ومرتكب مذابح جماعية، وقائد ميليشيات طائفية، ومسلِّم سوريا إلى إيران و’حزب الله’ والمرتزقة المجرمين القادمين من أربع رياح التشيّع المذهبي الطائفي الشائه؛ أو، في جماع هذه الشنائع، صار اختزال الشعار الشهير: ‘الأسد، أو نحرق البلد’.
وهكذا، في مناسبة ترشيح الأسد لولاية ثالثة، نستذكر أنّ بشار الأسد بدأ، ويظلّ اليوم أيضاً، ابن النظام الذي شيّده أبوه منذ تشرين الأول (أكتوبر) 1970، وربما منذ تولّى حافظ الأسد منصب وزير الدفاع سنة 1966. الابن، استطراداً، ليس وريث أجهزة الاستبداد والقمع والفساد والنهب المنظّم والتجنيد الطائفي ورهن إرادة البلد… فحسب؛ بل هو، بالقدر ذاته، وارث سلسلة من السياسات التي ليس في المستطاع تعديلها، أو تبديلها، دون كسر معمار النظام الأمني ـ العسكري، المتصلّب المتقرّن المتحجّر، الذي ازداد اليوم فاشية وانغلاقاً وطائفية.
من هنا كانت انتفاضة آذار (مارس) 2011 إعلاناً شعبياً حاسماً بأنّ تقويض النظام، أي كسر ذلك التصلّب والتقرّن والتحجّر، هو خطوة ثورية وتاريخية وحيدة، لا مناص منها ولا غنى عنها، أياً كانت آلامها، لكي تطوي سوريا صفحة آل الأسد: مرّة وإلى الأبد.
صبحي حديد. القدس العربي