سياسة ستالين في الحرب العالمية الثانية والتي اتبعها الجيش الروسي مع اجتياح الألمان لروسيا، تمثلت بحرق القرى والبلدات التي اضطر الجنود الروسيين للانسحاب منها، لكي لا يستفيد الاجتياح الألماني منها الذي اعتمد كليا على خيرات البلاد في روسيا، مما ساعد هذا على انهيار الجنود الألمان بسبب قلة الغذاء والمياه، وبالتالي خسارة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية.
انتهج الأسد ” سياسة الأرض المحروقة ” لستالين في الأراضي السورية التي احتلها بداية عام 2012. حيث ما وطأة آلياته أرضا إلا وعاثت بها فسادا. الأمر الذي دفع بسكان العديد من القرى للهروب بأرواحهم مع أطفالهم، ومن بقي منهم في بلدته كان مصيره الإعدام الميداني!
في زيارة لفريق ” المركز الصحفي السوري ” إلى المناطق المحررة مؤخرا من قبضة النظام، رصد الفريق حجم الأراضي المتضررة في تلك المناطق، إذ أنك لا ترى هناك وعلى مد البصر أي شجرة خضراء، كل ما تراه هو أشجار محروقة وأراضي جرداء.
” كان لدي 50 شجرة زيتون، لم يبق لي منها إلا الرماد وبعض الخشب، الذي سأقصه وأستعمله في التدفئة لهذه السنة ” هذا ما قاله لنا أحد الفلاحين بحرقة قلب من قرية “عين الحمرا” القريبة من أوتوستراد حلب-اللاذقية، بعد أن حرق جيش النظام أشجاره وأشجار والده وأخوته. لم يقتصر الدمار على حرق الأشجار من زيتون ورمان وتين فحسب، بل تخطاه لحرق كامل المحاصيل الزراعية من قمح وشعير، وتوقف الزراعة لثلاث سنوات متتالية!
في قرى سهل الروج التابعة لمدينة جسر الشغور بمحافظة إدلب، شملت سياسة الأرض المحروقة مشروع الري في المنطقة، حيث عمد النظام على تدمير البنية التحتية للمشروع وسرقة بعض الخراطيم الزراعية وحرق البعض الآخر منها. كما وقام بزرع تلك المنطقة بالألغام الفردية، سقط بسببها العديد من المزارعين بين قتلى وجرحى بترت أطرافهم.
انعدمت الزراعة في المنطقة، بسبب خوف الأهالي من مخلفات الحرب التي تركها النظام من ألغام وقنابل عنقودية، قتلت طفلين كانا يلعبان في أرض والدهما!
لم يقتصر ضرر الأراضي المحروقة على قاطع الزراعة فحسب، بل وتضررت أيضا الماشية والرعاة في تلك المناطق التي تعتمد على رعاية المواشي في الدخل. حيث هزلت الأبقار وخف انتاجها للحليب، ومرضت الأغنام والماعز، غير الحيوانات التي قتلت بسبب مخلفات الحرب.
كما وسرق النظام من المناطق التي انسحب منها، آليات زراعية من جرارات وسيارات وحصادات، وحرق ما عجز عن سرقته!
أخبرنا المزارعون في سهل الروج أنه من الصعب اليوم زراعة الأراضي، وأنها تحتاج على الأقل لسنة كي يعاد زراعتها.
” سأزرع أرضي زيتونا بدل الأشجار التي حرقت، فإن لم آكل أنا من خيرها، أكل ابني منها، وإن لم يأكل منها ابني أكل منها حفيدي من بعدي ”
هذا ما قاله لنا أبو حمشو الرجل الثمانيني، الذي تعهد على غرس الزيتون بيده، وبكل تصميم وإصرار تحدى الأسد بأن يقتل عزيمته.
وجدنا المزارعين رغم حرقة قلبهم على أراضيهم وأشجارهم، وجدناهم مستمرين في الحياة متحدين كل الصعاب، بعضهم باشر العمل في أرضه، والبعض الآخر ينتظر من يساعده كي يفلح ويزرع. ترى على وجوههم الأمل والتفاؤل بغد أجمل بدون حكم الطاغية.
المركز الصحفي السوري