تقترب العملية العسكرية الروسية في سورية من استكمال عامها الأول نهاية الشهر المقبل، وما زالت التقديرات للأعباء المالية التي تكبّدتها روسيا بسبب قرارها التدخُّل المباشر تراوح بين 2.5 مليون دولار يومياً في بداية الحملة حتى ربيع هذه السنة عندما ارتفعت الكلفة إلى نحو 3.3 مليون دولار كل يوم.
وروسيا المكبّلة بأعباء العقوبات الغربية وأزمتها الاقتصادية الطاحنة، خصّصت نحو 1.2 بليون دولار لحملتها العسكرية في سورية خلال 2016، على رغم أن خبراء في معهد البحوث العسكرية في موسكو يرون أنها قد تتجاوز الأرقام المتوقّعة بنسبة الثلث بحلول نهاية السنة، ما يعني ازدياد الإنفاق عن المعدّلات المتوقّعة بالوتيرة السابقة ذاتها (لثلث اضافي) نظراً إلى قرار توسيع قاعدة حميميم وبدء استخدام القاذفات الثقيلة، ونشر أسلحة استراتيجية جديدة في سورية.
صحيفة «ار بي كا» القريبة من أوساط رجال الأعمال نقلت عن مصادر عسكرية روسية وأخرى في مجال البحوث ان الزيادة الأساسية في الإنفاق سببها توسيع حجم العمليات. ولتوضيح الفكرة فإن طلعات الطيران الروسي تنقسم الى ثلاثة مستويات: 80 في المئة منها تعتبر قصيرة المدى وتُستخدم فيها طائرات من طراز «سوخوي»، ولا تزيد مدة الطلعة على 40 دقيقة، بينما تنقسم الـ 20 في المئة الباقية من الطلعات بين الطيران المتوسط (سوخوي 35) ومعه مدة الطلعة تصل الى ساعة ونصف ساعة، والبعيد (قاذفات توبوليف الإستراتيجية التي تنطلق من مواقع في روسيا وتعود إليها بعد إنجاز مهمتها). والطيران المشارك في الطلعات القصيرة قادر على حمل نحو سبعة أطنان من المواد المتفجّرة، بينما تصل حمولة «توبوليف» القصوى الى 24 طناً.
وهكذا يعتبر الخبراء أن تزايد استخدام القاذفات الإستراتيجية أخيراً، هدفه ليس «استعراض عضلات» فحسب، بل تحقيق أكبر منفعة ميدانية بتكاليف أقل.
ويفيد تقويم لمعهد البحوث العسكرية بأن قيمة طلعة «الطيران القصير والمتوسط المدى» تصل الى نحو 3.5 مليون روبل، بحساب حمولة المواد المتفجّرة في مقابل 5.5 مليون روبل لكل طلعة «توبوليف»، وهذه تساوي ثلاثاً لـ «سوخوي» لكن تكاليفها تقل إلى النصف تقريباً.
وفي إشارة إلى القيمة الإجمالية للإنفاق العسكري الروسي وكيف تأثّر بالحملة في سورية، أكد مدير معهد غايدار للاقتصاد العسكري فاسيلي زايتسيف أن روسيا أنفقت العام الماضي نحو 4.28 تريليون روبل على الجوانب العسكرية (5.3 في المئة من الناتج القومي)، بزيادة مرة ونصف مرة عن الأرقام التي قدّمتها موسكو رسمياً في تقرير الى لجنة الأمم المتحدة الخاصة بنزع السلاح، قبل أسابيع. وبين قيمة الإنفاق 318 بليون روبل للبحوث والعلوم العسكرية (0.4 من إجمالي الناتج).
واللافت أن الإنفاق على سلاح الجو ارتفع خلال هذه الفترة 66 في المئة بتأثير الحرب في سورية.
الموازنة الروسية لا تكشف عادة تفاصيل الإنفاق العسكري، وتضعه مجملاً تحت باب «الدفاع الوطني». ويقول خبراء إن الإنفاق على التسلح كان دائماً أعلى من الأرقام الواردة في الموازنة، لأن كثيراً من أبواب الإنفاق يُموَّه تحت عناوين معظمها «سلمي».
الحياة