مارس الإنسان عملية استرجاع النفايات منذ العصر البرونزي, فقد سعى إلى تذويب مواد معدنية لتحويلها إلى أدوات جديدة وهي دراسات واكتشافات مثبتة تاريخيا.
في الماضي كان الهدف من إعادة التدوير الاستفادة من المواد التالفة, فإعادة تدوير النفايات واستخدامها يعطي مردودا ً ماديا ً كبيرا ً مقارنة بتكلفة استخدام المواد الخام الأصلية أما الآن فقد تغيرت النظرة كليا ًفمع التضخم السكاني الذي تشهده المدن الكبرى بات لابد من إيجاد حلول جذرية للتخلص من الكم الهائل من النفايات التي تخلفها المنشآت السكنية والصناعية التي تزداد بشكل مستمر.
فمنذ أن انتبهت المجتمعات إلى الأضرار المحدقة لتراكم تلك النفايات والمشكلات البيئية الناتجة عنها من (تحلل النفايات الذي يؤدي إلى تسرب المواد السامة التي تحتويها ووصولها إلى مصادر المياه الجوفية أو السطحية منها وتلوث للتربة وللهواء وتشويه للمناظر الطبيعية), بات لابد من إعادة تدويرها.
إن عملية التدوير تصبح سهلة عندما يكون المنتج مركبا من عدة مواد سهلة التفكيك والاستعمال, ومن هذه المواد القوارير الزجاجية والمعدني لصناعات أخرى جديدة, إعادة تدوير الورق والكرتون (من المجلات والجرائد ) لصناعة ورق وكرتون آخر, وأيضا ً إعادة تدوير المواد النسيجية والألبسة, إعادة تدوير إطارات السيارات غير القابلة للاستعمال لتحويلها إلى مواد مطاطية أخرى وتدوير الألمنيوم والفولاذ والمواد البلاستيكية وتعتبر عملية تدوير مياه الصرف الصحي إلى مياه صالحة بفضل محطات تطهير وتنقية وهي من أهم عمليات التدوير.
إن إهمال تدوير المخلفات لاتقف عند حد قيمة المنتجات التي يمكن الحصول عليها من عمليات التدوير، وإنما تمتد إلى تكلفة دفن هذه المخلفات ومقاومة الآفات والحشرات الناتجة عنها وذلك حسب دراسة أجراها الدكتور أحمد عبد الوهاب الحائز على جائزة مجلس الوزراء العرب المسئولين عن البيئة ووصف أيضا خلال دراسته أن الاستثمارات العربية الموظفة في هذا المجال بصفة عامة أو خاصة متواضعة ومحدودة ولا تتجاوز 200 مليون دولار وأن معظم هذه المشروعات لا تتجاوز كونها محاولات فردية وبإمكانات ضعيفة.
صناعة تدوير المخلفات باتت من أهم الصناعات الواعدة في العالم حيث تستحوذ على 28% من إجمالي الاستثمارات الصناعية في الولايات المتحدة الأمريكية و23% في بريطانيا و35% في ألمانيا.
ولعل تجربة البرازيل في التدوير كانت الأكثر شهرة حول العالم حيث دعمت إعادة تصنيع النفايات وعملت على تحويلها إلى نشاط اقتصادي مربح وصناعة قائمة في حد ذاتها؛ فقد اعتزمت بعض الشركات الخاصة في البرازيل تشكيل جمعية تهتم بتطوير المفهوم الضيق والمحدود لإعادة تصنيع النفايات وتحويلها إلى صناعة حديثة لها مكانتها ودورها، فأسست عام 1992جمعية “كامبر” وخلال خمس السنوات التي تلت تأسيس تلك الجمعية استخلصت بعدها بأن إعادة تصنيع النفايات في البلدان النامية تسلك مساراً مغايرا ً لذلك المعتمد في البلدان المتقدمة.
هذا وتواجه عمليه تدوير النفايات سلبيات كثيرة فتكلفة اليد العاملة المجمعة كبيرة فللحصول على بضع أطنان من مادة معينة كالبلاستيك أو الزجاج مثلا ً تحتاج شركات التدوير إلى آلاف العاملين يقومون بجمع المواد الصالحة للتدوير, وأيضا نوعية المواد المنتجة عن طريق استعمال مواد تحويل النفايات, ولعل السلبية الأبرز هي تفاقم حجم النفايات وعدم الإمكانية لتدويرها بسبب البطء في عملية التدوير.
المركز الصحفي السوري – أسماء العبد