فقير أو غني، جاهل أو متعلم، كبير أو صغير، الكل ببوتقة الاعتقال والقتل والتهجير، من قبل نظام الأسد قبل وبعد الثورة السورية، فالسياسي والاقتصادي والمفكر، جميعهم طالتهم يد الترهيب الأسدية.
” لا تؤرقنا كي لا نؤرقك ” هذا ما قاله المحقق لعبد الوهاب عميرة ابن حي جوبر الدمشقي البالغ من العمر18عاماً، و تم اعتقاله في السنة الأولى للثورة السورية، حين بدأ مشوار اختراعاته العلمية في عام 2010عندها كان عمره 13 عاماً، بعد أن سأل أستاذه سؤالا لم يتمكن من الإجابة عليه، مما أثار رغبته للبحث والاطلاع.
تلك العبارة ولدت بنفس عبد الوهاب العزيمة والإصرار بعد أن خرج من المعتقل وبقي في حي جوبر قرابة السبعة أشهر أنهى ضمنها سبعة اختراعات، ليغادر بعدها إلى تركيا ويستقر باسطنبول مرغماً، مستمرا بإنجاز اختراعاته المتتالية.
إن اختراعه الأول الذي أدخله أقبية النظام الأسدية، كان يخص المجال النووي فهو عبارة عن طريقة للتخلص من النفايات النووية بإرسالها للفضاء الخارجي باتجاه الشمس لتجنيب الأرض المخاطر الشعاعية النووية، مما اضطره للتذكير بأن المليارات تصرف للنظام السوري لكي يتخلصوا من تلك النفايات في مدينة تدمر بريف حمص، فأين تصرف هذه الأموال من قبل المعنيين بالموضوع إذا كانوا يتخلصون من النفايات بمقاييس غير عالمية؟؟ من الممكن أن تكون سببا لظهور هيروشيما جديدة في سوريا تظهر نتائجها بعد 15 عاما تؤدي لتشوهات عند الأطفال، في حال حدوث أي زلزال أرضي.
بعد ذلك تعددت اختراعاته بكافة المجالات محاولاً تسخيرها لفائدة الشعب السوري وخاصة في المناطق المحاصرة من قبل نظام الأسد بعد أن خرجت عن سيطرته، ومن ضمن اختراعاته في الغوطة الشرقية المحاصرة بريف دمشق بعيدا عن استخدام أية معدات الكترونية حديثة في تصنيعها، استخراج مياه جوفية، وتصنيع غاز طبيعي، علها تفي بالغرض نسبيا في ظل انقطاع المياه وقلة الغاز وارتفاع أسعارهم.
أما في الشمال السوري ولما رآه من دمار نتيجة القصف المستمر على منازل المدنيين، عمد لاختراع روبوت ألي( رجل آلي) يساعد بسحب الجثث والجرحى من تحت الأنقاض، جاهداً قدر المستطاع نقل ابتكاراته من الأوراق لأرض الواقع، ولاسيما اختراعه الأكثر أهمية المعد عام 2013 على شكل منظومة دفاع جوي تحت مسمى ” 0.1.A” ليقي جزئيا المدنيين من شر طائرات النظام الحربية والمروحية التي حصدت آلاف الأرواح منهم، أعقبه بذات العام بمنظومة أخرى لتدمير المدرعات أسماها “0.2.A” .
أما آخر اختراع ذو الرقم 15 من بين اختراعاته، سعى به لاستخدام طاقة الأمواج البحرية كمصدر لتوليد طاقة كهربائية بديلة تغني كل المحافظات الساحلية السورية عن الكهرباء المنقطعة لأوقات طويلة.
يقول عبد الوهاب في لقائه مع صحيفة العهد في 12 مايو /أيار الماضي:” إن أكثر ما يؤلمني هو عدم الاهتمام من قبل السوريين أنفسهم أو حتى إهمال الجهات المهتمة بالقضية السورية، لاختراعاتي التي من الممكن أن تساعدهم كثيرا إذا ما تم تفعيلها على أرض الواقع، وما يعيقني دائماً في تطبيق أعمالي أنه لا يوجد داعم مالي لها، مما يجعلها بمثابة بعثرات ورقية عديمة المنفعة”.
عبد الوهاب الملقب بأصغر مخترع سوري، ليس غريبا أن يكون أصغر معتقل سوري سابقا بسجون النظام البعثي، وكل ذنبه أنه وضع هدفاً طمح خلاله أن يجعل سوريا بلداً يضاهي الدول الصناعية العظمى، ورفض أن يخرج إلى الدول الأوربية بعد أن عرضت عليه فرص كثيرة للعمل بها، رغم أنها ستبدل مجرى حياته بشكل جذري ، فقوبل بالتهديد والتهجير من بلده الأم ناهيك عن محاولة الاغتيال الأخيرة التي تعرض لها، مما جعل حياته بخطر فلجأ لتبديل مسكنه حتى في تركيا فضلاً عن تغيير رقم هاتفه مع أرقام عائلته بشكل دائم.
حري أن تكون رسالته التي وجهها عبر صحيفة العهد ختاماً تقريرياً عساها تلقى الصدى من قبل قارئيها ألا وهي:” أتمنى من كل الشباب بعمري أن يطرحوا أي فكرة تخطر بعقلهم ممكن أن يخدموا بها أنفسهم وشعبهم وقضيتهم السورية، فالحياة محطة واحدة لا تتكرر عليكم من جديد”.
محار الحسن
المركز الصحفي السوري