تساءلت صحيفة لوموند الفرنسية: هل يجب أن ترمى في القمامة تلك الأدوات العلمية التي استخدمت في تجارب قديمة، أم يجب الاحتفاظ بها لأنها تروي قصة تطور ونجاحات علمية باهرة، ومن ثم صيانتها؟
وقالت كاتبة المقال سيسيل ميشوت إن ثمة بالفعل من المؤسسات ومحبي العلوم من يحزن لضياع هذه الآلات ويحافظ على بعض العينات منها، كحال بعض الفيزيائيين الذين شعروا بالحزن عندما فُقدت مئات الأدوات البصرية الجميلة المصنوعة من النحاس والخشب الثمين، أثناء نقل مختبرات جامعة السوربون إلى جامعة جيسو الجديدة في ستينيات القرن العشرين.
وقالت إن هذه الأدوات العلمية -بغض النظر عن جمالها- تبقى شاهدا على التطور في مجال العلوم والتكنولوجيا، لذا تقوم بعض المؤسسات بالحفاظ عليها، مثل صالون بريكاسيانس الذي ينظم كل خريف في معرض للأدوات القديمة والتحف العلمية، وقد سبق أن عرض جهازا للعلاج الكهربائي يعالج المريض عن طريق إرسال صدمات كهربائية.
وأوضحت الصحفية أن من مهام المعهد الوطني للفنون والحرف (CNAM) الحفاظ على التراث العلمي وحث المختبرات على امتلاك تراث علمي، كما توضح سيري فواسو المسؤولة عن جمع الأدوات العلمية في المعهد نفسه.
نجاح حملة التعبئة
وتعتقد فواسو أن التعبئة التي يقوم بها المعهد قد نجحت، مستشهدة بأن العشرات من الأفراد والمؤسسات والمختبرات تتصل سنويا بالمعهد لإيداع بعض الأدوات التي يعتبرونها ذات قيمة تراثية، لكن المعهد ينتقي القليل منها، كتلك الأدوات التي تروي قصة ولادة حرفة جديدة أو تقنية جديدة أو حكاية مخترع بارع أو إنجاز صناعي لفت الانتباه، والسبب أن المعهد -بحسب فواسو- لا تتوافر لديه مساحات كبيرة للصيانة، ولذلك فإنه مجبر على إجراء خيارات قاسية لانتقاء تلك الأدوات.
وحثت الصحيفة الجهات الفاعلة الأخرى في هذا الميدان -مثل الجامعات- على أن تحمي ماضيها العلمي والتقني، مشيرة إلى ما فعله المعهد المتعدد الاختصاصات (بوليتكنيك) الذي افتتح في مايو/أيار الماضي متحف موسيكس (Mus’X)، وهو متحف يروي تجربة مئتي عام من البحث والتدريس.
ونوهت الصحيفة بمعرض مؤقت يقام كل عام على امتداد ألف متر مربع، وقد خصص هذا العام لعالم الرياضيات كاسبر مونج، كما ذكرت بمعرض آخر دائم يحتضن أدوات بصرية ومغناطيسية ومراسلات لعلماء في مصر مع نابليون.
خريطة قديمة للعالم شوهدت في صربيا العام قبل الماضي (رويترز) |
بقليل من التمويل
وقالت الصحيفة إنه بتمويل قليل يمكن الحفاظ على التراث العلمي، كما تم في جامعة رين التي استطاع اثنان من أساتذة الفيزياء فيها -هما دومينيك برنارد وجان بول تاتشي- استعادة الأدوات المنسية في الأقبية وإنقاذ ألف أداة، معظمها من النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وإعادة بعضها إلى العمل من جديد.
وقد وثق دومنيك برنارد بعضها في كتاب له تحت عنوان “كنز علمي”، ولكن هذه المجموعة التي يتم الاحتفاظ بها في الطابق السفلي من مبنى الجامعة، لا يمكن الوصول إليها إلا في مناسبات قليلة، لضيق مكانها وعدم توافر موظفين لشرحها استخداماتها للزائر.
ولا يكفي الاحتفاظ بها وحده، بل يجب أن تقام نشاطات للتعريف بنشأتها وتاريخها.
بعض الأمثلة
وتختم سيسيل ميشوت مقالها بعرض بعض هذه الآلات الغريبة، شارحة باقتضاب دورها، منها:
– الكرة السماوية التي بنيت عام 1580 من قبل عالم الرياضيات الفلكي جوست بورجي، وتوضح الرؤية الإغريقية القديمة للأرض، وهي موجودة في الوسط وتحيط بها الأبراج.
– المجهر الكهربائي (Electroscope) لكيري، وهو جهاز اخترعه رئيس دير نوليت عام 1750 بهدف قياس الشحنة الكهربائية للأشياء.
– جيروسكوب فوكو، وهو جهاز يظهر على مدار الساعة أن الأرض تدور حول نفسها.
– شوكة التوليف لكونيغ، وهي جهاز يقيس انخفاض القدرة السمعية مع التقدم في السن.
– قضبان نابير، وتستخدم لحساب المضاعفات والقسمة وحسابات الطاقة وحتى الجذور المربعة.
– مقياس الزوايا الدائري، وهو جهاز يمكن من قياس زوايا البلورات بدقة شديدة.
– الآلة الحاسبة العالمية، وهي آلة حاسبة وضعها عالم الرياضيات الفرنسي لويس كوفينال، وتعد نموذجا أوليا للحاسبات، لكن إنتاجها الصناعي لم ير النور أبدا.
– البيضة الكهربائية، وهي جهاز يمكن من خلق شفق قطبي في المختبر.
نقلاً عن: الجزيرة