ما اكثر الاسرار هذه الايام خاصة في منطقة منكوبة تجد فيها القتال والقتل يتم بموجب اجندات اقليمية واجندات دولية .فيختلط الحابل بالنابل وتبدأ البحث عن الاسرار لكل حادثة وكأنك تبحث عن ابرة مختفية في كومة قش..خاصة عند تزاحم اقدام المقاتلين او المتقاتلين.فان الدماء التي نزفت وسالت على الارض السورية منذ قيام الثورة السورية منذ 6 سنوات حتى الان اكثر غزارة من الدماء التي نزفت من (القنبلة الذرية) التي القيت على (هيروشيما) .ولا ندري هل بلغنا الي خط النهاية في هذا الجنون.. ام اننا عدنا الي المربع الاول في القتال..؟
الذي يلفت النظر هذه الايام هو اعلان ايران عن قتلاها ..وتصوير جنازاتهم في التلفزيون الايراني والقنوات الفضائية مع ذكر اسمائهم ورتبهم العسكرية . العالم كله يعلم ان (ايران) ارسلت ضباطا وجنودا الي العراق ثم الي سوريا.. وكانت تقول عنهم في البداية انهم مستشارون عسكريون فقط..اي انهم لا يشتركون في القتال بل مجرد اعطاء خبراتهم ومشورراتهم العسكرية الي قوات نظام بشار الاسد. ثم اعترفت ايران بعد (فشل الاسد) في المحافظة على سوريا وان 75% من الاراضي السورية اصبح بيد المعارضة السورية المسلحة على اختلاف تسمياتها ثم فشل ميليشيات (حزب الله) في استرجاع الاراضي السورية او تحريرها كما يقولون. فارسلت ايران ميليشيات الفضل ابو العباس.. العراقية لنجدة حليفها بشار الاسد الا ان الميليشيا العراقية لم تكن احسن حظا من حزب الله اللبناني. فاضطرت ايران ان ترسل خيرة قواتها الي سوريا ليس حبا في بشار الاسد ولكن فيما تدعيه لحفظ حلف الممانعه المتكون من ايران والعراق وسوريا ولبنان..فارسلت كتائب من (الحرس الثوري الايراني.). بقيادة الجنرال (قاسم سليماني) قائد قوات فيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني الذي يتلقى اوامره مباشرة من المرشد الاعلى لايران.. الجنرال سليماني اكثر الوجوه الايرانية قسوة وعنفا .ويبدو بل من المؤكد ان رجال المعارضة السورية المسلحة.. لم يجعلوا ذهاب قوات الحرس الثوري الايراني الي سوريا مجرد نزهة.. يتنقلون اثناءها بين المدن السورية.. بل كانوا لهم بالمرصاد وكبدوهم خسائر جسيمة في الارواح والمعدات .وكانت ايران في حالة (تعتيم تام) تحت غطاء الامن القومي الايراني.. والخشية من هبوط الروح المعنوية لجنودها..وهذا معمول به في معظم بلاد الدنيا اثناء الحرب .
وفجأة كسرت ايران (قاعدة السرية) في ذكر اسماء قتلاها ..في سوريا وبدأنا نقرأ الاسماء الكبيرةمن رتب عالية.. بما فيها جنرال وعميد وعقيد.. بل كتبت الاسماء بوضوح كامل.. ثم راينا الجنازات التي تقام لهم في طهران ..والغريب ان هذا كله كان من خلال التلفزيون الايراني وسمحت ايران للشاشات الفضائية.. بنقله مما اثار سؤالا كبيرا وهو لماذا( كسرت) ايران قاعدة عدم نشر اسماء قتلاها في سوريا..؟
نعلم ان قيصر روسيا الجديد (بوتين ) انقض على سوريا بدون طلب من الاسد وكل ما قاله (وليد المعلم)وزير الخارجية السوري في مؤتمره الصحفي ..اننا قد نطلب مساعدة روسيا في المستقبل.وطبعا لم يطلب مساعدة من روسيا فان القيصر (بوتين) فهو الدب الروسي الشهير رئيس المخابرات الروسية (k.j.b.) ليس بحاجة الي دعوة للانقضاض على سوريا.. واول امر اصدره الي (ايران) الا تطلق اي صاروخ حرصا على سلامة الطائرات الروسية التي اشتركت في المجزرة السورية وبدا واضحا تناقض الدب الروسي مع ايران .. فكلاهما يريد سوريا بعد فشل الاسد بالمحافظة على الدولة السورية ..وبات نائما في قصره في دمشق على رقعة لا تزيد عن 25% فقط من الاراضي السورية .ومن تحت الطاولة بدأ الضغط الروسي على ايران.. فكان لابد لايران ان تقدم ضحايا ..ليكونوا قربانا لوجودها على الارض السورية ..فالدماء الايرانية لا تذهب سدى..ويجب ان يراها العالم باسره .فجاء اعلان اسماء القتلى.. من الضباط والجنود الايرانيين لاقناع روسيا.. بان ايران وجدت في سوريا لتبقى..وهي تصر على ان يكون لها نصيب في الكعكة السورية .. وليس وجودها مرورا سريعا .فقد دفعت المليارات من الدولارات وقد بلغت 15 مليار دولار كما اعلن هذا صراحة الرئيس الايراني الاسبق (محمود احمدي نجادي)الي سوريا في الوقت الذي كانت ايران نفسها في اشد الحاجة الى الدولارات..اضافة الي الدماء.
ومن جهة ثانية فقد تم رفع العقوبات عن ايران خاصة تصدير الغاز والبترول الايراني ومن المعروف ان الشرق الاقصى كان السوق الايرانية للنفط ولكن نتيجة لفرض العقوبات الاقتصادية عليها فان الهند والصين واليابان وكوريا..ارتبطوا بعقود طويلة الاجل مع دول الخليج العربي..لمدهم بالنفط والغاز . وفي هذه الحال فلن يبقى اما (ايران) سوى الدول الاوروبية ..التي تحتاج الي النفط والي الغاز .خاصة بعد اتفاق (بوتين) مع (نتنياهو) رئيس وزراء اسرائيل على ان تلغي اسرائل فكرة الانبوب الذي تحت مياه البحر الابيض المتوسط والذي كان مقررا له من (حيفا الي اليونان.) فلصبحت روسيا امام منافسة جديدة من النفط والغاز الايراني..خاصة وانه مكتشف ومعداته جاهزة للتصدير فورا.. انها مشكلة معقدة ولكن تم الاتفاق بين (روسيا وايران )سرا على ان تسحب روسيا قواتها المقاتلة في سوريا.. ما عدا المنطقة التي سموها(سوريا المفيده ) وهي على شاطيء البحر الابيض المتوسط حيث توجد القواعد الروسية في (حميميم وفي طرطوس ) والنفط والغاز في شرق البحر الابيض المتوسط .وتركت روسيا باقي سوريا لايران التي يقتل ضباطها وجنودها كل يوم.. بل يتم (اسر بعض الجنود الايرانيين) استعدادا لتدخل ايراني قوي ومباشر بحسب ما اعلنه السي (وحيد احمدي) عضو لجنة السياسات الخارجية في البرلمان الايراني ربما لفك اسر الجنود الايرانيين الاربعه وربما لاحتلال سوريا عسكريا..؟ اذا لم تتدخل الدولالعربية والولايات المتحدة الامريكية لمنع هذا الاحتلال .
ويبدو ان روسيا وافقت على هذا (الاتفاق مع ايران) نتيجة للازمة المالية التي تمر بها روسيا بسبب انخفاض اسعار النفط .فقد صرح وزير المالية الروسي.. ان (موازنة الدولة لن تسجل توازنا.. الا عند وصول سعر برميل النفط 82 دولارا للبرميل .) فكانت الازمة المالية في روسيا والتي حاول بوتين اخفاءها وراء اتفاق روسيا وايران على اقتسام اجزاء من الكعكة السورية .
اللهم الطف بنا يا رب فليس لنا سواك.
الدستور