“زوجتي حامل، ونسكن في خيمة من البلاستيك شمالي إدلب، لم تعد تتحمل ارتفاع درجة الحرارة، جلست.. بكت”، بهذه الكلمات اختصر نصر البرجس معاناة المهجرين في المخيمات، مع درجات الحرارة التي تشهد ارتفاعًا منذ 2 من تموز الحالي.
لا مروحة ولا تجهيزات تساعد على تزويد الخيمة بأي وسيلة تبريد، أضاف نصر، “ليس أمامي إلا رش الماء رويدًا رويدًا عليها وعلى أولادي لأخفف عنهم ما يجدونه من حرارة الجو”.
وحسب المديرية العامة للأرصاد الجوية في سوريا، ارتفعت الحرارة لتصبح أعلى من معدلاتها بنحو ثلاث إلى ست درجات، في 2 من تموز الحالي، وواصلت ارتفاعها بنحو خمس إلى سبع درجات مئوية، في 3 من الشهر نفسه، ليصبح الطقس “شديد الحرارة”، وبقيت أعلى من معدلاتها في اليوم التالي بحوالي خمس إلى ثماني درجات مئوية، إذ وصلت إلى حدود 43 درجة مئوية.
لم يتحمل النازحون في المخيمات شدة الحرارة، واتجهوا إلى أشجار الزيتون، ليجدوا في ظلها ما يقيهم الحر، خاصة بعد شكوى الأطفال من صداع في الرأس نتيجة الحرارة العالية في الخيم، بحسب ما قاله حسن سليمان الحمادة، أحد النازحين في مخيم “بني خزاعة” ببلدة كللي شمالي إدلب، لعنب بلدي.
“الدفاع المدني” و”صحة إدلب” تحذران الأهالي
ووجهت مديرية صحة إدلب و”الدفاع المدني السوري” تعليمات للأهالي حول الأسباب التي تؤدى إلى التعرض لضربة شمس، وأعراضها وطريقة الوقاية منها، والخطوات الإسعافية للمصاب بها.
وأكدت “صحة إدلب” و”الدفاع المدني” على ضرورة عدم التعرض للشمس من الساعة العاشرة صباحًا إلى الرابعة عصرًا، أو الطبخ داخل الخيم، أو تخزين أي مواد قابلة للاشتعال (غاز، بنزين)، أو مغادرة الأطفال الخيمة في وقت الذروة، أو استعمال الأجهزة الكهربائية غير الضرورية.
وأشارت إلى ضرورة شرب كميات كافية من السوائل للحفاظ على حرارة الجسم، وارتداء ملابس قطنية فضفاضة، وتغطية كامل الجسم، والحذر من جحور العقارب والثعابين خاصة في المخيمات والأراضي الزراعية.
بنية الخيم تزيد الخطر
وأوضح مدير فريق “منسقو استجابة سوريا”، محمد حلاج، لعنب بلدي، أن هناك تخوفًا بسبب نوعية الخيم غير الصالحة للسكن مع ارتفاع درجات الحرارة.
وتزيد من المخاطر عمليات الطبخ سواء داخل الخيم أو بجوارها، لأن ذلك يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة، وبالتالي اشتعال الحرائق.
التخوف من الحرائق بسبب ارتفاع الحرارة ظهرت أولى نتائجه، في 3 من تموز الحالي، باحتراق خيمة نتيجة تسرب للغاز من جرة في مخيم “الشهداء” بالقرب من كفرلوسين شمالي إدلب، ما أدى إلى إصابة طفلة بحروق بالغة.
وأضاف حلاج أن 90% من المخيمات لا توجد فيها عوازل لارتفاع درجات الحرارة أو انخفاضها وتساقط الأمطار، ولا يمكن إلقاء اللوم على المنظمات لعدة أسباب، أولها أن الأعداد الكبيرة للنازحين في المخيمات سببت مشكلة كبيرة في الاحتياجات.
وهناك فجوة بسبب زيادة الاحتياجات التي يقابلها تناقص في التمويل. وفي مؤتمر “بروكسل” الأخير، طالبت الأمم المتحدة بعشرة مليارات دولار، لكن المانحين قدموا 7.7 مليار دولار (5.5 مليار دولار للعام 2020، و2.2 مليار دولار للعام 2021)، ما يؤدي إلى عجز بالاستجابة مع المتغيرات الكثيرة القائمة، ونوع من ضعف الاستجابة للنازحين بشكل عام بالإضافة إلى ا لمخيمات، حسب حلاج.
وبلغ عدد القاطنين في المخيمات الذين نزحوا من مناطق حماة وحلب وإدلب بسبب العمليات العسكرية لقوات النظام وروسيا إلى الأماكن الأكثر أمنًا، نحو مليون و41 ألف شخص، يتوزعون على ألف و277 مخيمًا، بينها 366 مخيمًا عشوائيًا حسب “منسقو الاستجابة”.
لا تجهيزات لإطفاء الحرائق.. الأمل بسيارات الإسعاف
وقال حلاج في حديث سابق لعنب بلدي، إنه لا يمكن أخذ الحيطة من الحرائق طالما أن بنية السكن من البلاستيك والقماش، والحل البديل هو البناء الأسمنتي، وإفساح المجال لإنشاء “كرفانات”، موضحًا أن تبديل بناء أسمنتي بالخيم يخفض الحرائق بنسبة تصل إلى 80%.
كما أنه حل للخلاص من مشاكل حالات التسمم وانخفاض الحرارة والعواصف والفيضانات، لأن “المخيمات حل مؤقت يجب الانتهاء منه بأسرع وقت ممكن”، بحسب تعبيره.
وغالبًا تبدأ الحرائق نتيجة تهريب في أسطوانات الغاز، أو اشتعال نار صغيرة في إحدى الخيم، تنتشر بسرعة نتيجة بنية الخيم البلاستيكية، إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة داخل الخيم في الصيف إلى أكثر من درجات الحرارة المسجلة في المنطقة، ويشكل قرب الخيم من بعضها أبرز الأسباب لانتقال النيران من خيمة إلى أخرى.
أسهم في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في إدلب يوسف غريبي
نقلا عن عنب بلدي