سجل سعر الذهب في سوريا اليوم الأربعاء 11800 ليرة سورية للغرام الواحد عيار 21، و10115 ليرة سورية لعيار 18، وذلك وفق تسعيرة جمعية الصاغة، ويعتبر هذا السعر الأعلى في تاريخ سوريا حتى اليوم .
وتشهد أسواق الصاغة في جميع المحافظات السورية سواء الخاضعة لسيطرة المعارضة أو النظام ركوداً كبيراً نتيجة التذبذب في أسعار الذهب، الأمر الذي أثر على حركة البيع والشراء، ويعود ذلك لارتباطه بسعر صرف الدولار والذي سجل اليوم 395 ليرة سورية في السوق السوداء.
بات شراء الذهب والمصوغات في سورية وسيلة ادخار آمنة لضمان عدم خسارة العملة السورية والتي تهاوت وفقدت قيمتها بشكل كبير في الآونة الأخيرة أمام العملات الأخرى، بعد أن كان الذهب أحد الشروط الرئيسية في مهور الزواج.
أبو عبد المعين صائغ ذهب من مدينة ادلب يقول:” تراجع الاهتمام بشراء الذهب في الفترة الأخيرة ويعود ذلك لضعف القوة الشرائية عند المواطن الذي يسعى لتحصيل لقمة عيشه مع تدهور العملة السورية، ومعظم زبائني يطلبون مني مصوغات مستعملة لتفادي دفع قيمة” الصياغة” للقطع الجديدة التي خف الطلب عليها واقتصر شراؤها على ذوي الدخل العالي”.
وبسبب الركود في عملية بيع وشراء المصوغات الذهبية أغلق العديد من الصاغة محلاتهم ولجأ بعضهم للعمل بتصريف وتحويل العملات إلى جانب بيع الذهب كونها تلاقي إقبالا من قبل المواطنين وبالأخص في المناطق المحررة بعد أن أصبحت معظم البضائع المستوردة بالدولار، وزاد الأمر سوءاً قرار وزارة المالية السورية التابعة لحكومة النظام بفرض رسم إنفاق استهلاكي على الذهب بقيمة 5% لكل دمغة مطلع العام الحالي مما أدى لتلاعب بعض الصياغ وبيع المصاغ بدون دمغ .
أجبرت ظروف الحرب “أم فراس” على ترك منزلها الكائن في حي سيف الدولة في مدينة حلب والنزوح إلى مدينة ادلب الآمنة نسبياً، حيث تقول :” دمرت الحرب منزلي وتشردت مع أطفالي بعد وفاة زوجي بقذيفة في مدينة حلب، فكانت مصوغاتي المتبقية خير معين لي بعد نزوحي، وكنت أبيعها قطعة تلو الأخرى لأعيل أسرتي”.
ويشكل ارتفاع الذهب عبئاً جديدا على الشباب السوريين المقبلين على الزواج بعد أن كان جزءا أساسيا من المهر الذي يعبر عن ثقافة المجتمع لإتمام أمور الزواج، ورغم ذلك لازالت بعض العائلات المحافظة والمتمسكة بالعادات والتقاليد تحدد الذهب كشرط رئيسي في تزويج بناتها، إذ تعتبره ضمانا لها ولحقوقها وعلى حد قولهم” زينة وخزينة”، الأمر الذي أدى لارتفاع نسبة العنوسة وسط هذا التقييد.
وبالمقابل أسقط الذهب من المهر عند بعض العائلات التي ترغب بتسيير أمور الزواج وتتفهم الواقع المعيشي السيء الذي فرضته الحرب على السوريين.
لينا فتاة مقبلة على الزواج تنتظر ” لم الشمل” من خطيبها في ألمانيا تقول :” الزواج بنظري علاقة مقدسة ومذكرة حب وتفاهم بين الشريكين، لذلك تساهلت عائلتي مع “خطيبي ” في موضوع الذهب بعيدا عن العادات البالية، فالسعادة الزوجية لا تقدر بكمية غرامات الذهب”.
واتجه بعض الحرفيين مؤخراً لتصنيع وبيع مصوغات تحتوي عيارات منخفضة من الذهب كعيار 10 و12 كحل بديل والذي يحتوي على نسبة قليلة من الذهب إلى جانب النحاس والزنك، و كان يسمى سابقا الذهب البرازيلي لكنه لم يلق رواجاً من قبل، أما الآن زاد الطلب على شرائه لانخفاض سعره مقارنة مع أعيرة الذهب المعروفة.
يعتبر المواطن السوري شراء الذهب من الكماليات وسط موجة الغلاء التي تجوب البلاد، فقد أثر ارتفاعه على كافة جوانب الحياة المعيشية بما فيها الاقتصادية والاجتماعية مسبباً عزوف بعض الشباب عن الزواج وتوجههم للهجرة خارج البلاد بعد أن دمرت الحرب آمالهم وطموحاتهم.
سماح خالد
المركز الصحفي السوري