تتحرك المعارضة السورية على أكثر من مسار قبل استحقاقات هامة تنتظرها خلال الشهر الحالي، وأبرزها جولة جديدة من مسار جنيف التفاوضي، فتعقد الهيئة العليا للمفاوضات اجتماعات “تقييمية” على مدى أيام في العاصمة السعودية الرياض، بعد أيام من زيارة قام بها رئيس الائتلاف الوطني السوري رياض سيف، إلى بروكسل البلجيكية، وأخرى قام بها المنسق العام للهيئة رياض حجاب، إلى باريس الفرنسية، لمطالبة الأوروبيين بـ”أخذ دور أكبر في سورية، ودعم المعارضة السورية في العملية السياسية”.
وتجري الهيئة العليا للمفاوضات اليوم، الإثنين، “عملية تقييم للجولة الفائتة من مفاوضات جنيف”، في اجتماعات تعقدها في مقرها بالرياض. كما تهدف الاجتماعات إلى “وضع استراتيجية للمرحلة المقبلة، خصوصاً على صعيد التفاوض مع النظام في مسار جنيف”، وفق مصادر في الهيئة.
من جانبه، ذكر كبير المفاوضين في وفد المعارضة، المفاوض محمد صبرا، أن “الهيئة العليا للمفاوضات تجتمع مع الوفد المفاوض يوم الخميس المقبل لتقييم الجولة السابقة من المفاوضات”، مشيراً في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أنه “لا توجد نيّة لدى الهيئة لإجراء تعديلات على تركيبة الوفد المفاوض”. وأضاف أنه “حتى اللحظة لا يوجد أي تأكيد على موعد عقد الجولة المقبلة من المفاوضات”.
ومن المتوقع أن تعقد جولة سابعة من مسار جنيف في الشهر الحالي، عقب الجولة الجديدة من مسار أستانة المقررة في 12 يونيو/حزيران. وكانت الجولة السادسة من المفاوضات، قد انتهت في 19 مايو/أيار الماضي، من دون إحراز أي تقدم يذكر. ولا يزال النظام وحلفاؤه يحاولون القفز فوق قرارات دولية تدعو إلى انتقال سياسي جاد تعتبره المعارضة الجوهر الحقيقي للعملية التفاوضية، رافضة مساعيَ يبذلها الموفد الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، لتغيير أولويات التفاوض، في مخالفة واضحة للمرجعيات الدولية.
وتعقد الهيئة العليا للمفاوضات اجتماعاتها في خضم تطورات سياسية وعسكرية هامة تشهدها سورية، بفعل تراجع تنظيم “داعش” على أكثر من محور، في وقت يحاول فيه النظام قضم المزيد من المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة في جنوب البلاد، ووسطها. وبات من الواضح أن النظام وضع مسار جنيف خلف ظهره، وهو ما يفتح أمام جولات وجولات هدفها تمييع عملية التفاوض، وتبديد الوقت لحصر المعارضة السورية في بقع جغرافية معزولة، لدفعها للموافقة على حلول تكرس وجود النظام.
وتأتي اجتماعات الهيئة العليا للمفاوضات بعد أيام من زيارة قام بها سيف الى مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وأخرى قام بها حجاب إلى باريس، في إطار محاولة المعارضة السورية الحفاظ على علاقات مميزة مع الجانب الأوروبي، على وقع المساعي الروسية لحرف المسار التفاوضي مع النظام. ويتم تهميش مفاوضات جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة، وتفعيل مسار أستانة كي يُتاح لموسكو تثبيت حلول تلبي مصالحها في شرق المتوسط
وطالب سيف الاتحاد الأوروبي بـ “المساعدة بإيجاد حل لـ 10 ملايين سوري لا يملكون وثائق سفر بسبب إجراءات النظام الأمنية”، فيما أكدت موغيريني أن “الاتحاد يدعم المعارضة في العملية السياسية”. كما وعدت بأنه “سيكون هناك دعم كامل للحكومة السورية المؤقتة في العمل على الأرض لدفع الجهود على المستوى الاقتصادي لإدارة مرحلة ما بعد الصراع”، مؤكدة أن “الاتحاد الأوروبي يرى في المعارضة شركاءنا الأساسيين في ذلك”.
وشدّدت على أن “العملية السياسية في جنيف هي الأساس”، لافتةً إلى أنها “قد لا تكون الوحيدة للوصول للحل السياسي”. وتابعت قائلة إن “أستانة بالنسبة لنا قد تكون مفيدة لأنها قد تساعد في احتواء العنف على الأرض”. وأبدت خشية من تقسيم في سورية، مؤكدة حرص الأوروبيين على بقاء سورية موحدة.
من جانبه، أكد رئيس الحكومة السورية المؤقتة، جواد أبو حطب، أن العلاقات الثنائية مع الاتحاد الأوروبي “تزداد تحسناً”، مشيراً إلى أن “اللقاء مع موغيريني، كان هاماً جداً على صعيد دعم الحكومة المؤقتة ودعم كوادرها البشرية ومشاريعها”.
وأوضح أبو حطب أن “هناك خمسة مشاريع يتم العمل عليها مع الاتحاد الأوروبي، وهي التعليم، والصحة، والزراعة، وملف الداخلية، والتوثيق، ومنح الأوراق الثبوتية، والهويات الشخصية، ووثائق السفر”، وفق مصادر في الائتلاف. وكان حجاب قد بحث أواخر الشهر الماضي، مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ووزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، التصعيد الذي يعد له النظام وإيران في مختلف أنحاء سورية. وتلقى حجاب تأكيداً بأن فرنسا ما زالت على موقفها الداعم والمؤيد لتطلعات الشعب السوري، بتحقيق الانتقال السياسي.
العربي الجديد