هاجم دونالد ترامب، أمس الأربعاء 9 فبراير/شباط 2017، سلسلة متاجر نوردستورم لأنها توقفت عن بيع الملابس التي تحمل ماركة ابنته إيفانكا ليسلط الضوء مجدداً على تداخل المصالح بين منصب الرئاسة والمصالح التجارية لعائلة ترامب.
واسترعى التأنيب العلني الذي دافع عنه البيت الأبيض لاحقا الانتباه مجدداً إلى هذا التشابك في المصالح الذي حمله ترامب معه إلى السلطة.
ففي تغريدة نشرها بعد لحظات من انتهائه من إلقائه كلمة أمام المسؤولين عن تطبيق القانون الأميركي، هاجم ترامب الشركة التي قررت الأسبوع الماضي وقف بيع الملابس التي تحمل علامة ابنته، نظراً لتراجع المبيعات.
وكتب “نوردستروم ظلم ابنتي كثيراً. إنها إنسانة رائعة، تشجعني دائماً على فعل الصواب! هذا فظيع”.
ومنذ فوزه المفاجئ في نوفمبر/تشرين الثاني، استخدم ترامب تويتر لمهاجمة الشركات من جنرال موتورز إلى بوينغ، سواء لأن لها مصانع في الخارج أو لأنها تفرض أسعاراً غالية على الطائرات التي تبيعها للحكومة.
أعمال العائلة
ولكن التغريدة الأخيرة كانت مختلفة لأنها تدافع عن جزء من إمبراطورية عائلة ترامب التي قال معارضون إنها يمكن أن تكون مصدر تضارب كبير في المصالح بالنسبة للبيت الأبيض.
وحرص ترامب على وصول رسالته عن إيفانكا إلى أكبر عدد من متتبعيه فأرسلها عبر حسابيه الشخصي والرسمي.
ورغم حرصه بعد فوزه على نقل إدارة أعماله إلى أبنائه، غير أنه لم ينأ بنفسه عنها تماماً كما طلب منه الجهاز الحكومي للأخلاقيات.
ويقول معارضوه إن أعمال ترامب لا تزال تطرح معضلة أخلاقية كبيرة.
وأجج الجدل إعلان مسؤولين في البنتاغون الأربعاء أنهم يفكرون في استئجار مكاتب في برج ترامب الفخم في مانهاتن للموظفين والمعدات التي ترافق الرئيس خلال زيارته.
وجاء ذلك بعد أن رفعت زوجة الرئيس ميلانيا ترامب دعوى قضائية في نيويورك ضد صحيفة بريطانية، قالت إنها نشرت شائعات أضرت “بفرصة حياتها” لكسب الملايين من الدولارات مع زيادة شهرتها بعدما أصبحت السيدة الأولى.
نداءات للمقاطعة
ودافع المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر الأربعاء عن تهجم ترامب على نوردستروم، قائلاً إنه يدافع عن فرد من عائلته. وقال سبايسر لصحفيين “هناك بوضوح مساعٍ للإساءة إلى ذاك الاسم، بسبب مواقف سياسية محددة اتخذها أبوها”.
وأضاف أن “محاسبة فرد من عائلته بسبب خوفهم من (هذه) السياسة هو أمر غير مقبول، وله كل الحق في التعبير عن رأيه بشأنه”.
وردت نوردستروم الأربعاء، مؤكدة أنها اتخذت قرارها لأسباب تجارية فقط.
وقالت الشركة في بيانٍ “خلال السنة الماضية، وتحديداً خلال النصف الثاني من 2016، تراجعت مبيعات العلامة بشكل مضطرد إلى درجة أنه لم يعد من المنطقي بالنسبة لأعمالنا أن نستمر معها في الوقت الحالي”. وأضافت أن لديها “علاقة عمل ممتازة” مع شركة إيفانكا ترامب.
ونوردستروم واحدة من شركات عدة شملتها دعوات للمقاطعة على علاقة بعلامة ترامب ضمن حملة “غراب يور وولت” (أغلقوا محفظة نقودكم) التي يشنها ناشطون معارضون لترامب احتجاجاً على سياساته.
وواصلت الحملة الأربعاء استهداف متاجر كبيرة أخرى تابعة لشركات مثل “ميسي” و”بلومنغديل” و”ديلارد” لأنها تبيع منتجات إيفانكا ترامب.
ودلالة على الحبل المشدود الذي تسير عليه الشركات في المناخ السياسي الحالي ما عانته شركات مثل “بيبسي كولا” و”بادويزر” بعد أن اتخذت خطوات لا تستسيغها إدارة ترامب.
التزامات أخلاقية
وقال الخبير في الأخلاقيات الحكومية في كلية الحقوق في جامعة كولومبيا ريتشارد بريفولت لوكالة الأنباء الفرنسية، إن استغلال ترامب “للمنبر القوي” الذي يمثله منصبه في البيت الأبيض للدفاع عن اعمال ابنته “يخالف كل مفاهيم الالتزامات الأخلاقية لمنصب عام”.
وأضاف “ما يعنيه هذا أنه لم يستوعب بعد تماماً تبعات كونه أعلى موظف عام في البلاد”.
ويمنع مرسوم تنفيذي صادر في 1989 على الموظفين الفدراليين استخدام المنصب العام لتحقيق مكاسب شخصية، وفق بريفولت، الذي أضاف أن أي انتقاد عام يوجهه رئيس في منصبه يمكن تفسيره على أنه محاولة للتأثير على قرار الشركة فيما يتصل بأعمالها التجارية.
وتابع أن الرئيس “يعطي الانطباع بأنه يستخدم منصبه لترويج المصالح التجارية لفرد من عائلته”.
وخلافاً لشركات أخرى هاجمها على تويتر، بما فيها لوكهيد مارتن وبوينغ وفورد التي عانت أسهمها بعدها، ارتفعت أسهم نوردستروم بأكثر من 4% الأربعاء.
وسبق الأنباء بشأن تهجمات ترامب خبر نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأربعاء، بأن مجموعة “تي جي إكس” المالكة لشركات التجزئة “دي جي ماكس” و”مارشالز” طلبت من موظفيها إزالة كل بطاقات وإشارات الترويج لعلامة إيفانكا ترامب، وعدم عرض ملابسها بشكل منفصل.