اتفق العراق وسوريا على تكليف مستشار فني لتقييم وضع خط أنابيب كركوك – بانياس تمهيدًا لإعادة إحيائه وتشغيله، وذلك بعد أكثر من عقدين على توقفه، وجاء الإعلان على لسان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الذي أكد أن هذا التعاون يعكس رغبة البلدين في تعزيز الشراكة الاقتصادية واستثمار موقع سوريا الجغرافي كممر استراتيجي لتصدير النفط العراقي عبر البحر الأبيض المتوسط
يُعتبر خط كركوك – بانياس من أقدم خطوط النفط في الشرق الأوسط، إذ أُنشئ في خمسينيات القرن الماضي لنقل النفط الخام من حقول كركوك شمال العراق إلى ميناء بانياس السوري على الساحل الغربي، بطاقة تقارب 300 ألف برميل يوميًا وقد ساهم لعقود في جعل سوريا مركزًا حيويًا في تجارة الطاقة الإقليمية، قبل أن يتوقف عدة مرات بسبب الخلافات السياسية والحروب، وكان آخرها عام 2003 حين تعرّض لأضرار جسيمة خلال الحرب على العراق، ليبقى خارج الخدمة منذ ذلك الوقت
وبحسب الاتفاق الجديد، ستعمل لجنة فنية مشتركة من وزارتي النفط في البلدين على تكليف جهة استشارية متخصصة بإجراء دراسة شاملة لتقييم حالة الخط الممتد لنحو 900 كيلومتر، لتحديد مدى إمكانية إصلاحه أو الحاجة إلى إنشاء خط بديل ويهدف المشروع إلى تنويع منافذ تصدير النفط العراقي بعيدًا عن الخليج العربي، وتخفيف الضغط عن موانئ البصرة، فضلًا عن إعادة تنشيط البنية التحتية النفطية في سوريا وتحقيق عائدات مالية جديدة من رسوم العبور والتكرير
ورغم الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية للمشروع، إلا أن أمامه عقبات كبيرة، أبرزها تدهور البنية التحتية نتيجة الإهمال الطويل، ومرور الخط عبر مناطق تعاني من هشاشة أمنية، إضافة إلى العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، والتي قد تعيق مشاركة شركات أجنبية في عمليات التمويل أو التنفيذ، كما يشكّل التمويل تحديًا رئيسيًا نظرًا لتكلفة إعادة التأهيل أو البناء التي قد تصل إلى مئات ملايين الدولارات
ويرى مراقبون أن هذا الاتفاق يشكّل خطوة أولى نحو إعادة إحياء العلاقات الاقتصادية بين بغداد ودمشق، وإعادة سوريا إلى خريطة الطاقة الإقليمية بعد سنوات من العزلة، لكنهم يشيرون في الوقت ذاته إلى أن تنفيذ المشروع فعليًا يحتاج إلى توافقات سياسية وضمانات أمنية واستثمارات كبيرة، ما يجعل تحقيقه على المدى القريب أمرًا صعبًا، وإن كان يشير إلى تحول واضح في مسار التعاون الإقليمي ورغبة البلدين في استعادة أدوارهما التقليدية في منظومة الطاقة بالشرق الأوسط







