اقتربت روسيا وإيران وتركيا من التوصل إلى اتفاق بشأن إقامة منطقة خفض تصعيد رابعة في محافظة إدلب.
ويطرح الحديث عن هذا الاتفاق الذي قد يتم الإعلان عنه في ختام الجولة السادسة من المحادثات المنعقدة حاليا في أستانة، أسئلة كثيرة من بينها ما هو مصير جبهة فتح الشام (النصرة سابقا قبل إعلانها فك الارتباط التنظيمي بالقاعدة) التي تسيطر اليوم على المحافظة الحدودية مع تركيا؟
وقال ألكسندر لافرنتييف رئيس الوفد الروسي في أستانة للصحافيين، الخميس إن الدول الثلاث تناقش تفاصيل الاتفاق في العاصمة الكازاخية.
وأضاف “مهمتنا الرئيسية في هذا الاجتماع الدولي الخاص بسوريا هي وضع اللمسات النهائية وإقامة أربع مناطق لعدم التصعيد”. وتابع “اقتربنا جدا من التوصل إلى اتفاق على إقامة هذه المناطق الأربع”.
ولفت لافرنتييف إلى إنه من المرجح أن يشمل الاتفاق نشر مراقبين -مثل رجال جيش وشرطة- في المناطق الأربع وبالتحديد على حدودها.
والسيناريو الأقرب إلى التطبيق في إدلب هو تقسيمها لثلاث مناطق الأولى وهي المنطقة الحدودية مع تركيا ستتولى الإشراف عليها أنقرة، والثانية تلك الواقعة بمحاذاة المناطق التي يسيطر عليها النظام وسيشرف عليها الروس والإيرانيين فيما المنطقة الوسطى ستحصر جبهة فتح الشام التي ستضطر إما للاستسلام وحل نفسها وإما الحرب مع الطرفين، والخياران أحلاهما مر.
وانطلقت الخميس في أستانة الجولة السادسة من المفاوضات حول التسوية السورية برعاية كل من روسيا وتركيا وإيران وبمشاركة ممثلين عن قوى إقليمية أخرى وغربية على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
وكانت لقاءات على مستوى الخبراء قد عقدت الأربعاء، بين ممثلي الدول الثلاث الراعية للمفاوضات.
وانتهت الجولة السابقة من محادثات السلام السورية في أستانة في يوليو الماضي دون التوصل إلى اتفاق بعد أن أبدت تركيا اعتراضات.
جيش الأحرا أعلن مؤخرا انشقاقه عن هيئة تحرير الشام، خشية التعرض لحرب مدمرة من قبل الثالوث الراعي لأستانة
وتجري روسيا وإيران وتركيا محادثات في كازاخستان منذ يناير واجتماع هذا الأسبوع هو اجتماعهم السادس، والقبل الأخير.
ويعتبر التوصل إلى اتفاق حول محافظة إدلب إنجازا كبيرا بالنظر إلى ما تشكله هذه المحافظة من نقطة خلاف بين القوى الثلاث، وكانت السبب في انهيار الجولة الماضية.
ويرى معارضون سوريون أن ما يجري في أستانة لا يعدو كونه توافقا حول تقاسم الكعكة السورية، قبل إسدال الستار على الصراع الذي شارف عامه السابع وأدى إلى مقتل الآلاف وتهجير الملايين من المدنيين.
ويقول في هذا الإطار الكاتب الصحافي المختص بالشأن السوري مؤيد اسكيف لـ”العرب”، “أعتقد أن ما يحدث في أستانة لا يمكن أن يصب في صالح الشعب السوري، ما يجري هناك لا علاقة له بمصالحنا وبقضيتنا، فهو منبر لتوزيع أرباح وجني مكاسب على مستوى إقليمي ودولي لسياسات قاموا بها أدت إلى تدمير سوريا والإبقاء على بشار الأسد متربعا عليها”.
واعتبر اسكيف أن ما يجري تداوله عن اتفاق في إدلب يمهد لسوريا مفتتة ومنهكة ولا مستقبل لها غير المزيد من النزاعات والحروب في المستقبل.
وحذّر من أن “مستقبل إدلب ينذر بكارثة في حال استمر العبث بديموغرافيتها وهذا ينطبق على بقية المناطق في سوريا وأستانة تشرعن كل عمليات التهجير التي حصلت في السابق وذلك بمساهمة الدول الضامنة والأطراف المسلحة التي لم تكن في مجملها ممثلا للشعب السوري وتطلعاته وحاليا تقوم بالتفاوض نيابة عنه”.
ويقول مراقبون إن هناك توافقا تركيا إيرانيا بضوء أخضر روسي يقضي بوجود دائم لأنقرة في إدلب في مقابل ذلك تحصل طهران على موطئ قدم ثابت لها جنوب دمشق.
وكانت فصائل سورية قد حذرت في وقت سابق من توجه لتهجير سكان جنوب دمشق (بيت سحم وببيلا ويلدا والقدم) قسريا، خدمة للأجندة الإيرانية.
وأعلنت ستة فصائل في بيان لها الأربعاء “نحن الفصائل العسكرية العاملة في منطقة جنوب دمشق المحرر الواقع تحت سيطرة الجيش السوري الحر، نعلن رفضنا لكافة الاتفاقيات التي من شأنها التهجير القسري لقاطني منطقة جنوب دمشق”.
ووقّع على البيان كل من “جيش الإسلام، وجيش الأبابيل، وحركة أحرار الشام، ولواء شام الرسول، وفرقة دمشق، وبيت المقدس”.
مؤيد اسكيف: ما يجري تداوله عن اتفاق في إدلب يمهد لسوريا مفتتة ومنهكة
وتسعى تركيا التي هي أحد أبرز الأطراف الإقليمية المتدخلة في الشأن السوري إلى جانب إيران إلى تثبيت نفوذ لها في الشمال السوري بغاية وقف تمدد وحدات حماية الشعب الكردي وأيضا إلى كسب ورقة ضغط على أي سلطة في سوريا مستقبلا.
وبان بالكاشف للفصائل السورية التي كان بعضها يمتدح لوقت قريب أنقرة أن الأخيرة مستعدة للتعاون مع إيران لتقاسم النفوذ في سوريا، ما يتناقض مع الشعارات التي رفعتها طيلة السنوات الأولى من الحرب.
ويعتبر مراقبون أن إدلب هي في صلب المناطق التي تسعى تركيا إلى الاستحواذ عليها، وأنها بدأت العمل على هذا الموضوع منذ فترة، ويلفت هؤلاء إلى أن الانشقاقات التي تتعرض لها هيئة تحرير الشام التي تقودها جبهة فتح الشام خير دليل على ذلك.
وكان جيش الأحرار، الذي يعد ثاني أكبر تشكيل في هيئة تحرير الشام، بعد فتح الشام قد أعلن مؤخرا انشقاقه عنها، خشية التعرض لحرب مدمرة من قبل الثالوث الراعي لأستانة.
وسبق أن انشقت حركة “نورالدين الزنكي” عن “تحرير الشام” قبل نحو شهرين، بزعم اعتداء الأخيرة على حركة أحرار الشام، التي كانت ثاني أقوى تنظيم في محافظة إدلب.
وجاء انشقاق جيش الأحرار بالتزامن مع انشقاق شرعيا الجبهة عبدالله المحيسني ومصلح العلياني.
وهناك قناعة سائدة بأن هذه الانشقاقات التي تعصف بهيئة تحرير الشام والتي هي عبارة عن تحالف لجماعات إسلامية تقودها جبهة فتح الشام تمت بإيعاز من تركيا لإضعاف الجبهة تمهيدا للقضاء عليها.
نقلا عن صحيفة العرب