في تقرير لمجلة “إيكونوميست” عن الوضع في سوريا أشارت فيه إلى أن بشار الأسد لم يعد لديه حل للأزمة السورية وأن الأمور باتت تتدهور من سيء إلى أسوأ. وقالت إن الموالين السابقين للأسد ارتدوا ضده ولكن هذا لا يعني خروجه من المعادلة السياسية السورية بسهولة. وجاء فيه أن سوريا رغم معاناتها سنوات طويلة من الحرب الأهلية التي حصدت مئات الألاف من المدنيين وشردت الملايين قد عادت إلى النقطة التي بدأت منها. وعاد سكان منطقة جنوب- شرق سوريا هتافات معادية للنظام وهي نفس الهتافات التي أشعلت الحرب الأهلية “الله، الشعب والحرية” بدون ذكر اسم الديكتاتور، بشار الأسد من الهتاف المعروف. وحاولت مراسلة التلفاز الرسمي التي كانت تغطي التظاهرات التي لم تكن حاشدة بالقدر الكافي لمقابلة أي شخص لديه استعداد لمدح الأسد. فمعظم السوريين لا يزالون يعيشون في فقر مدقع ومن الفساد وعدم المساواة الاجتماعية.
وقال محاضر جامعي إن “المظالم التي أشعلت الانتفاضة أصبحت أكثر وضوحا”. وبمساعدة من إيران وروسيا واستخدام الغاز ضد شعبه انتصر الأسد تقريبا في الحرب. باستثناء إدلب التي تظل آخر معقل لمعارضة الأسد. ولكن النظام يواجه تحديات جديدة لا يمكنه حلها بالقوة. فعملة منهارة تدفع الناس نحو فقر أكبر وعقوبات أمريكية ستزيد من سوء الأوضاع. وتم تفريغ المعارضة حتى بين صفوف النظام ولكن لا حل لديه للأزمة. وعندما ورث الأسد الرئاسة من والده قبل عقدين كانت سوريا بلد غالبيته من أبناء الطبقة المتوسطة. واليوم هناك نسبة 80% من سكانه فقراء. وكان الناتج المحلي العام نسبة الثلث مما كانت عليه قبل الحرب. وأضاف كوفيد-19 مصاعب جديدة. وهناك مشاكل في لبنان، التي تعد أكبر سوق لسوريا ومزود للعملة الصعبة لكنه يعاني من أزمة مالية حانقة. ومع نقص الدولار في البلدين انهارت قيمة العملة السورية بنسبة 50% أمام الدولار. واليوم بات سعر الدولار الواحد 3.000 ليرة سورية في السوق السوداء فيما قررت مناطق المعارضة في الفترة الماضية استخدام الليرة التركية بدلا من الليرة.
هناك مشاكل في لبنان، التي تعد أكبر سوق لسوريا ومزود للعملة الصعبة لكنه يعاني من أزمة مالية حانقة. ومع نقص الدولار في البلدين انهارت قيمة العملة السورية بنسبة 50% أمام الدولار
وتضيف إلى أن قيمة رواتب الحكومة تتراجع مع زيادة أسعار المواد الأساسية. وبالنتيجة، تقول الأمم المتحدة أن الكثير من سكان سوريا لن يستطيعوا الحصول على الطعام اللازم لهم. وبل ووضع نجوم كرة القدم المحليين صورته مع متاعه في الشارع على منصات التواصل الاجتماعي. ولم يعد لدى الصيدليات الدواء الكافي لأن منتجي الأدوية ليس لديهم المال اللازم لشراء المكونات الطبية من الخارج.
ورغم عودة المحلات والمقاهي أبوابها بعد فترة إغلاق إلا أنها عادت وأغلقت من جديد بسبب قلة الزبائن. ولكي تزيد من احتياطاتها طلبت الحكومة من البنوك التوقف عن تقديم القروض بشكل زاد من المشاكل. وقامت المصارف بوقف آلات الصرف الآلي وحددت كمية المبالغ المسحوبة.
واصطف الناس في طوابير أمام البنوك على أمل استعادة ما لديهم من توفير قبل هبوط قيمة العملة من جديد. ولأنه لا يملك الإجابة أو المال بدأ الأسد بالضغط على الأثرياء لدعم الاقتصاد، ورضخ الكثيرون منهم إلا أن رامي مخلوف، الثري المعروف وابن خال الأسد رفض. وبدأ في أيار/مايو بنشر سلسلة من أشرطة الفيديو على فيسبوك اشتكى فيها من سياسة الضغط التي يمارسها النظام ومصادرته لأرصدته. وفي بداية الشهر صادر الأسد “سيرياتل” أكبر شركة اتصالات في البلاد والتي يملكها مخلوف. وتخلى عدد من الداعمين الآخرين عن النظام، فقد احتج مئات من أبناء الطائفة العلوية في منطقة الساحل ضد الأسد وكذا أبناء الطائفة الدرزية في السويداء. وبحسب إبراهيم حميدي، الصحافي السوري فقد باتت مشكلة النظام مع الموالين له لا المعارضة. إلا أن العنف اشتعل في مناطق أخضعها النظام مثل درعا التي انطلقت منها انتفاضة 2011. وقرر الأسد عزل رئيس وزرائه عماد خميس وبات يعتمد على مجموعة صغيرة من المقربين له، إلا أن مشاكله زادت في 17 حزيران/يونيو مع تطبيق قانون قيصر الأمريكي ويستهدف أي شخص أو شركة تتعامل مع النظام السوري. وسيمنع القانون أي شركة أو جهة كانت تأمل بالاستفادة من مشاريع إعادة إعمار البلاد.
وتعلق المجلة أن الأسد يعاني من ضعف لكنه لن يذهب، وشعبه متعب ويعتمد الملايين منهم عليه لكي يسمح بتوزيع المساعدات الغذائية. وعلمت أربعة عقود من العقوبات النظام كيفية التعامل مع الضغط وحرف اللوم. وقال إن الغرب يشن حربا اقتصادية ضد سوريا بعدما فشل بإزاحة الأسد. ويشجب الأمريكيين لمنحهم آبار النفط ومناطق الغذاء للأكراد. وعاد إلى استخدام طرق التهريب التقليدية، خاصة عبر لبنان مع إنشاء طرق جديدة. والأهم من ذلك لا يزال الأسد محميا من روسيا وإيران اللتان تأملان باستعادة استثماراتهما.
نقلا عن القدس العربي