منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا، صوّرت وسائل الإعلام الايرانية قاسم سليماني بأنّه “جيفارا المسلم”. ومع ذلك، تغيّرت تغطية الأخبار المتعلقة بقاسم سليماني خلال الأشهر القليلة الماضية. في حين أنَّ وجوده في سوريا والعراق والتكهنات حول لقاءاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هي أخبار سبق وأن تداولتها وسائل الإعلام، وقيل إنَّ المشاورات التي أجراها مع بوتين حثّت روسيا لشنّ ضربة جوية عسكرية في سوريا، إلّا أنَّ عدد خطاباته الداخلية في مجلس النواب وبين القادة العسكريين وقادة الشرطة قد ازداد بشكل ملحوظ. وفي الآونة الأخيرة، تحدث سليماني عن حتمية وجود إدارة “دينية” و “ثورية” وضرورة “حماية الإسلام”.
في هذا الصدد، تنشر صحيفة “فاتاني أمروز“، أحد المعارضين الرئيسيين للصفقة النووي الإيراني، بشكل روتيني صور سليماني والبيانات التي ألقاها بشأن السياسة الداخلية، وهذا قد يشير إلى احتمال كبير بوجوده في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
سليماني لديه علاقة وثيقة مع المتشددين والإصلاحيين، لكنَّ الشعارات والكلمات الرئيسية التي يرددها مثل “الشهيد”، “القيّم الثورية”، و “حماية الإسلام”، هي تلك التي أكد عليها متشددون معارضون لروحاني والإصلاحيين الإيرانيين.
وقد ارتبطت الانتخابات البرلمانية الأخيرة في إيران بالفشل الكبير للمتشددين والمحافظين. آية الله محمد يزدي وآية الله مصباح يزدي، وهما من رجال الدين المحافظين الرئيسيين، هُزما في انتخابات مجلس الخبراء. وكانت هناك بعض الشائعات عن وجود أحمدي نجاد لوقت آخر، ولكن المحيطين به اُتهموا بالفساد المالي وسوء الإدارة الحكومية.
وبالتالي، فإنَّ سليماني هو خيار جيد للمتشددين في الانتخابات الرئاسية المقبلة. تردد اسمه لأول مرة في مجال السياسة الداخلية قبل انتخابات عام 2013، وعندما طًلب منه الترشح للانتخابات، رفض. سليماني هو واحد من عدد قليل من السياسيين داخل النظام السياسي الإيراني الذي يتمتع بشعبية كبيرة بين عدد من الناخبين. نتائج استطلاع للرأي أجرته وكالة مهر للأنباء عام 2013، كشف أنه أكثر شعبية من محمد جواد ظريف.
ولكن مَن هو قاسم سليماني؟ وُلد سليماني في محافظة كرمان في عام 1957. وعندما كان مراهقًا انضم للحرس الثوري بعد الثورة الإيرانية عام 1978. وقبل ذلك، كان يعمل في محطة المياه بكرمان لفترة من الوقت. وكان سليماني قائد الفرقة 41 ثار الله وحافظ على هذا المنصب بعد عدة سنوات من الحرب. كما تولى منصب قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
تردد اسم قاسم سليماني عدة مرات في الساحة السياسة الداخلية. قام سليماني مع عدد من قادة الحرس الثوري الإيراني بكتابة رسالة إلى محمد خاتمي في عام 1999 بشأن الأحداث التي وقعت بعد احتجاجات الطلاب في 9 يوليو، طالبًا منه عدم التصرف “بشكل سلبي”. وكتب: “عزيزي السيد خاتمي، إلى متى يجب علينا أن نذرف الدموع حزنًا على ما جرى، ونمارس الديمقراطية عن طريق الفوضى والإهانات، ونتحلى بالصبر الثوري على حساب تخريب النظام؟ سيادة الرئيس، إذا لم تتخذ قرارًا ثوريًا وتتصرف وفق مهامك الإسلامية والوطنية، سيتأخر الوقت وينتهي كل شيء بطريقة لا يمكن تصورّها.”
كان أحد الموقّعين على هذه الرسالة هو محمد باقر قليباف، أحد القادة السابقين في الحرس الثوري والعمدة الحالي لطهران. وهو واحد من أقرب أصدقاء سليماني. وقد ذكر أنّه في عام 2005، اقترح قليباف أن يصبح سليماني قائد الشرطة، وهو ما لم يحدث.
لا يمتلك قاسم سليماني رؤية إيجابية تجاه الغرب. في سبتمبر عام 2015، على سبيل المثال، قال إنَّ وجود الأوروبيين في إيران هو عمل منسق من قِبل أمريكا. وفي الساحة المحلية، يدعو سليماني، مثل المتشددين، إلى مجتمع أكثر تدينًا. وذكر في عام 2015 أنَّ الترويج لإقصاء الدين من المجتمع يُعدّ خيانة.
الظروف الحالية ليست مواتية لروحاني، ولا يملك الكثير من الوقت لتحسين الظروف المعيشية للسكّان في فترة ما بعد العقوبات وعدم رضا المحافظين عن السياسات الثقافية والاجتماعية لروحاني وإلقاء اللوم عليه بسبب الاتفاق النووي الذي لم يكن لديه آثار ملموسة على الاقتصاد الإيراني. وفي الوقت نفسه، فإنَّ المتشددين يمكنهم الاعتماد على سليماني الذي يتمّ تصويره بطريقة أو بأخرى باعتباره “بطلًا قوميًا” وليس طرفًا في الفساد المالي، ولديه علاقة جيدة مع المرشد الأعلى. وبالإضافة إلى ذلك، فمن خلال خفض عدد رجال الدين في مجلس النواب القادم، فمن المتوقع أن يخوض أحد رجال الجيش انتخابات الرئاسة القادمة.
إنترناشيونال بوليسي دايجست – إيوان 24