عندما قرأت شهادة النائب وليد جنبلاط في المحكمة الدولية وسمعت مجدداً عن نظام قرر إلغاء رؤسائنا ونوابنا ورجال الفكر والصحافيين، وسمعت كيف اضطر وليد جنبلاط الى التحالف مع هذا النظام ولا أحد يحسده على ذلك صرت أسأل نفسي لماذا؟ هل الرضوخ للأمر الواقع والتحالف مع الجلاد من دون اعترافه بجرائمه وباتفاق جديد يكفل علاقة تحمي لبنان واللبنانيين؟ لو كان الجواب نعم لما كانت محاولة اغتيال النائب مروان حماده لتكرر مشهد نظام يرفض من يعارضه من دون رحمة، بعد 27 عاماً من اغتيال كمال جنبلاط. فهل اختيار الديبلوماسية من اجل لبنان مع نظام لا يعرف سوى الاجرام والديكتاتورية، بالامر الصائب؟ طبعا لا، لانه لو كان الجواب إيجابياً لكان هذا الخيار أنقذ اللبنانيين من العبوات الناسفة والسيارات المفخخة، ولما كان لهذا النظام ان يستفيد من لبنان ومن اقتصاده وأمنه بالطريقة التي حصلت لسنين.
عندما تسمع النائب وليد جنبلاط تلاحظ ان تلك المحكمة هي له أكثر من مجرد شهادة في محكمة، هي فرصة لكي يقول ما أراد دوماً أن يقوله منذ اغتيال والده، وقال الكثير منه قبل المحكمة وترك الكثير ايضاً لنفسه لسنين… حتى فترة ٢٠٠٥ حين سمعنا خطابات تبين حقيقة فكر وليد بك حيال ذاك النظام الذي بدأ الاغتيالات منذ بداية الحرب في لبنان. ولكن ما لبث أن عاد الى خطاب معتدل ربما لانه لم يعد يؤمن بالتحرك ولا بحلفائه ولا بالمجتمع الدولي. نحن هنا لا نحلل شخصيات بل نقول لوليد بك والذين ذاقوا مثله التجربة مع النظام السوري: مواقفكم وسياستكم يمكن ان تغيّر شيئاً لأنكم أدرى الناس بأن الديبلوماسية لم تنفع، ولذا يجب عدم إعادة الكرّة، حماية لأرواح الناس. وكما تنتظرون عدالة منذ سنين، نحن ننتظرها معكم ومثلكم، ونعلم ان نظام سفك دماء أطهر الناس وأشجعهم، سفك دماء اللبنانيين والسوريين، لا يمكن ان يستمر. وكل من لعب بلبنان وبشعبه مع هذا النظام عرف ربما نهاية تشبه أُسلوب هذا النظام، من غازي كنعان الذي انتُحِر الى رستم غزالة الذي عاش رعباً في آخر أيامه. فلا يمكن المتآمرين وتجار الأرواح الا ان ينالوا عقابهم. وكل من تفرّج علينا ندفن يوماً بعد يوم اطفالنا وآباءنا واخوتنا من دون أي ردة فعل، وكل متآمر سيعلم أن لكل شيء نهاية وعقاباً. فمن غازي الى رستم وآخرين كثيرين هذه نتيجة حتمية للذين تورطوا مع نظام لا يرحم. فلنتعلم نحن ايضاً ان القبول بالأمر الواقع مرفوض ولا يحمينا، بل بالعكس!
ميشيل كيلو – النهار