عقب تشكيله للفيلق الخامس اقتحام، سعى نظام الأسد بشتى الوسائل لدعم صفوفه إما من خلال قرارات تضغط على الموظفين في الدوائر الحكومية لإرغامهم على التطوع، أو عبر طلب الآلاف من الشباب والرجال لخدمة الاحتياط في صفوف الفيلق.
وكان آخر الأساليب التي اتبعها النظام في هذا الإطار هو التضييق على طلاب الجامعات السورية حتى وصل الأمر إلى منع الطلبة السوريين من إكمال دراستهم الجامعية العليا والحصول على شهادات الدبلوم، فقد أصدرت مديرية التجنيد العامة التابعة للنظام تعميماً بإيقاف تأجيل جميع طلاب شهادة دبلوم التأهيل التربوي (من غير حملة الإجازة التخصصية التربوية)، إضافة إلى إلغاء تأجيل كافة المكلفين المؤجلين سابقاً من حملة الشهادات غير التخصصية.
وفي تفاصيل القرار الصادر عن وزير الدفاع، تُلغى كافة التأجيلات للخدمة الإلزامية لجميع الطلبة الجامعيين المتقدمين لشهادات الدبلوم، ويعتبر هؤلاء المكلفون والمؤجلون جاهزين للسوق من تاريخ 1\11\2017، وذلك لجميع الاختصاصات الدراسية وشهادات البكالوريس، فيما استُثني من القرار شهادات التعليم التربوي واختصاصات الكليات التدريسية كالعلوم والفيزياء والكيمياء وغيرها، حيث يَعتبِر القرار تأجيلهم الدراسي ساري المفعول حتى نهاية دراستهم.
منع
غير أن القرار لم يقف هنا، بل منعَ المشمولين به من السفر خارج البلاد و من استصدار جوازات سفر أو الحصول على إذن سفر من شعب التجنيد التابعين لها، لمنعهم أيضاً من السفر خارج البلاد بعد إيقاف تأجيلاتهم العسكرية.
يقول الشاب عامر، طالب جامعي في السنة الثانية دبلوم التأهيل التربوي، إن قرار النظام يستهدف منع التعليم في سوريا، وجعله الهمّ الأخير له، “فبهذا القرار عمل على إيقاف أكثر من 1300 شاب كانوا يسعون للحصول على شهادة الدبلوم في اختصاصاتهم، وكان من المفترض أن تلك الكوادر ستستفيد منها الجامعات السورية والطلبة الجامعيون بعد الاستنزاف الكبير في صفوف الكوادر التدريسية في الجامعات السورية خاصة في جامعتي حلب وحمص.
وأضاف أن شهادة الدبلوم هذه كانت أيضاً سبيلاً وحيداً للشاب السوري للهروب من الخدمة الإلزامية في صفوف جيش النظام، ولكن وبعد إصدار هذا القرار أصبح الشاب السوري المتخرج من الجامعات السورية أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الموت في صفوف قوات النظام أو الهرب خارج البلاد كغيره من ملايين اللاجئين السوريين، “لتصبح طاقات الشباب السوري متاحة للبلاد الأخرى للاستثمار بها ومحرمة على سوريا التي يسعى النظام لقتل شبابها جسدياً وعقلياً بشتى الوسائل الممكنة، وتدمير البنى التحتيه والبشرية لهذه البلاد لكي يمنعها من النهوض لعشرات السنين”.
خط أحمر!
عامر، طالب في جامعة حماة، اعتبر قرار النظام هذا رسالة للأهالي مفادها: “إما أن يكون جميع الشباب والرجال معنا وفي صفوف جيشنا، أو عليهم السفر خارج البلاد لتبقى سوريا للأسد ولعائلته ولشبيحته، علماً بأن بشار الأسد أشار في خطابات سابقة له إلى أن الطلبة الجامعيين خط أحمر ولا أحد يمكنه منعهم من التعليم وإكمال دراستهم لإعادة بناء سوريا، ولكن الحقيقة هي أنه يسعى جاهداً لهدم صرح التعليم في سوريا وتدميره بمن فيه”.
وأشار إلى أن أكثر من ألف شاب الآن تحت حظر النظام لهم من السفر، وسبيلهم الوحيد هو الهروب إلى تركيا وترك عوائلهم بعدما أصبحت حماة مدينة شبه خالية من رجالها وشبابها، وبعد أن طرد النظام منها آلاف المطلوبين الأمنيين والمطلوبين للخدمة الإلزامية ولخدمة الاحتياط وغيرها.
ولفت عامر إلى أن السبيل الوحيد لمن ألغي تأجيله العسكري بسبب هذا القرار هو التقدم إلى شهادة الماجستير في التعليم الافتراضي، عقب اجتياز امتحانيين معياريين في اللغة الإنكليزية والعلوم الأخرى، وتعتبر تلك الامتحانات من الأصعب في سوريا، “ولكن قرار إلغاء تأجيل الدبلوم أجبر الطلاب على سلك هذا الطريق لتأمين تأجيل عسكري ولو لسنة جديدة واحدة”.
نزيف في الكوادر
في سياق موازِ، أفاد هادي، أحد االمدرسين في جامعة البعث بحمص لـ صدى الشام، بأنه تم سحب أكثر من 60 أستاذاً جامعياً من الجامعة بحمص وحماة ومن جامعة حلب إلى الخدمة الاحتياطية في جيش النظام، ليزداد النزف والنقص في الكوادر التدريسية للجامعات علماً بأن جامعة حلب باتت تعاني من نقص كوادرها التدريسية بنسبة 70% ، بينما وصلت نسبة النقص في جامعة البعث إلى 40%، وجامعة حماة إلى 20%.
وأشارإلى أن قرار وزير الدفاع هذا منع الحصول على كوادر بديلة لتلك التي استنزفها النظام خلال سنوات الثورة السورية، وأصبحت وزارة الدفاع هي المتحكمة بجميع ومؤسسات الدولة حتى وزارة التعليم والتي ينبغي أن تكون قرارتها محصورة بوزير التعليم، “لا أن يحدّد وزير الدفاع مصير آلاف الشباب السوريين ومصير جامعات سورية عمرها عشرات السنين”.
صدى الشام