تشهد إسرائيل سلسلة من الحرائق التي أجبرتها على إجلاء آلاف المواطنين من بيوتهم في عدد من أحياء مدينة حيفا التي تم إغلاق مطارها والمجال الجوي له وإعلان حالة طوارئ في المدينة.
وتسببت رياح شرقية في إشعال المزيد من الحرائق في الغابات والأحراج في أنحاء إسرائيل والضفة الغربية مما تسبب موقتاً في إغلاق طريق رئيسي بين القدس وتل أبيب، فيما أعلن وزير الأمن الداخلي أن نصف الحرائق «متعمد».
وقالت أليس دورون المتحدثة باسم بلدية حيفا انه «تم إجلاء نحو 50 الف شخص من منازلهم وأماكن عملهم» في مدينة حيفا، خوفاً من وصول حرائق الأحراج المجاورة الى المدينة.
وقال الناطق باسم دائرة الإطفاء كايد ضاهر «تم إعلان حالة الطوارئ في مدينة حيفا، أي بمعنى يفضل عدم التوجه اليها»، وطلب من آلاف السكان إخلاء مساكنهم، فيما قالت الناطقة باسم بلدية حيفا «نحن في حالة تأهب».
وقال مسؤول في البلدية انه تم إجلاء عشرة آلاف شخص حتى الآن، مشيراً الى ان العدد قد يصل الى تسعين الفاً من أصل 280 ألفاً.
وكانت الشرطة الإسرائيلية أعلنت أنها قامت الخميس بإجلاء المئات من بيوتهم في عدد من أحياء المدينة.
وأدت الحرائق الى إصابة نحو 66 شخصاً بجروح طفيفة جراء استنشاق الدخان، وفق ما أعلن مستشفى رمبام في حيفا.
وقال رئيس خدمات الطوارئ لمنطقة جبال الكرمل نفتالي روتنبرغ أن «الحريق خارج عن السيطرة وينتشر بسرعة من بيت الى بيت». وأضاف: «نتحرك من بيت لأخر لإخراج المسنين من منازلهم، وتم إخلاء دور الحضانة»، موضحاً «نضطر أحياناً لإخراج السكان بالقوة من منازلهم». وتابع أن «النيران تتقدم بسرعة 20 الى 30 متراً كل دقائق عدة».
وقال الناطق باسم الشرطة الإسرائيلية إنه «يجري العمل والتنسيق مع الطائرات والشرطة ورجال الإطفاء الذين يعملون على مساعدة الناس بالسرعة الممكنة».
وقال كايد ضاهر إن «النيران تقترب من محطة وقود،»، و «تم إجلاء ثلاثة أحياء». وأضاف: «هناك أناس عالقون في مواقع النيران»، مشيراً الى «حريق عند محطة توليد الكهرباء تمت السيطرة عليه». وتابع: «كما تم إخلاء جامعة حيفا من جميع طلابها».
وتقوم دائرة مصلحة السجون الإسرائيلية بإخلاء سجني الدامون والكرمل اللذين يضمان 600 سجين و150 موظفاً وحراس السجن.
وأوضح ضاهر ان «الطائرات بدأت تعمل من اجل السيطرة على الحريق ومنع وصولها وامتدادها الى مناطق اخرى». وأكد «ان عشرات الحرائق اندلعت بالقرب من ام الفحم وفي منطقة الكعبية بالقرب من الناصرة».
وأوضح المتحدث باسم مطار حيفا أنه تم إغلاق المطار والمجال الجوي للسماح لطيران الإطفاء بإتمام عملياته.
وأغلق موقتاً طريق 443 السريع، الذي يربط بين القدس وتل أبيب ويمر بالضفة الغربية، أمام حركة المرور في ساعة الذروة الصباحية أمس مع بلوغ النيران مدينة موديعين التي تقع في نصف الطريق تقريباً بين أكبر تجمعين سكنيين في إسرائيل.
واندلعت حرائق في مناطق اخرى.
وقالت الناطقة باسم الشرطة لوبا السمري ان الطائرات تقوم بإخماد الحرائق في منطقة باب الواد على مداخل مدينة القدس، وان «الحريق تجدد بجوار مستوطنة «طلمون» شمال غربي مدينة رام الله وتم إجلاء السكان، كما تم اخلاء مدرسة وتواصل قوات الإطفاء المعززة بأعمالها للسيطرة وإخماد الحريق».
وأضافت أن «الحريق أسفر عن تسجيل أضرار مادية جسيمة بمنزلين وعدد من سيارات المواطنين ومن دون تسجيل إصابات بشرية تذكر».
وقال ميكي روزنفيلد المتحدث باسم الشرطة إن المحققين لم يتمكنوا بعد من تحديد ما إذا كان أي من عشرات الحرائق التي تم الإبلاغ عنها في مختلف أنحاء البلاد قد أشعل عمداً. لكنه ذكر أن أربعة أشخاص اعتقلوا الأربعاء بعد إشعال نار في العراء غير مكترثين بالعواقب، وكان من المقرر أن يمثلوا أمام المحكمة أمس الخميس.
وقال روزنفيلد إن إسرائيل طلبت دعماً جوياً لإطفاء الحرائق من كرواتيا وقبرص واليونان وإيطاليا وروسيا.
وقال وزير الأمن الداخلي جلعاد اردان ان «خمسين في المئة من الحرائق متعمدة». وأشار عبر اذاعة الجيش الاسرائيلي الى أن من تسبب بها فعل هذا إما لأسباب مرتبطة بالنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني وإما على يد أشخاص مهووسين بإشعال حرائق لا يعودون قادرين على السيطرة عليها.
واستبعد وزير التعليم نفتالي بينيت، وهو زعيم حزب «البيت اليهودي» اليميني المؤيد للمستوطنين، أن يكون يهود وراء إشعال هذه الحرائق. واتهم بينيت مشعلي الحرائق بأنهم «خونة للدولة» وأشار إلى أنهم لا يمكن أن يكونوا يهوداً. وقال في تغريدة بالعبرية «من لا يشعرون بالانتماء للبلاد هم فقط القادرون على حرقها».
وتحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو هاتفياً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشكره على تلبية طلبه على الفور بتقديم المساعدة في إخماد الحرائق التي اندلعت بالبلاد، مشيراً الى ان روسيا «سترسل فوراً طائرتي إطفاء عملاقتين من طراز بي 300».
وثمن نتانياهو عرض تركيا المساعدة بإرسال طائرة إطفاء كبيرة وقبلت إسرائيل العرض التركي.
كما سترسل دول أخرى مثل قبرص وايطاليا وكرواتيا طائرات للمساعدة، ليصل عدد الطائرات التي تشارك في إطفاء الحرائق الى عشر.
ووجهت وسائل الإعلام الإسرائيلية انتقادات الى السلطات بسبب عدم قدرتها على وقف النيران نتيجة نقص الأجهزة والمعدات الضرورية. ولفتت الى انه في إمكان الدولة التي تصرف بلايين الدولارات على طائرات حربية ان تخصص جزءاً بسيطاً منه لشراء طائرات إطفاء بدلاً من الاستعانة بطائرات روسية وتركية وغيرها.
وتساءلت بعض وسائل الإعلام كيف كانت السلطات الإسرائيلية تتبجح بإرسال طائرات مكافحة الحرائق الى دول، مثل قبرص واليونان، كانت تتعرض لحرائق مماثلة فيما تعجز عن مواجهة هذه الحرائق داخلياً.
وتضافر عدم هطول أمطار مع الطقس شديد الجفاف ورياح شرقية عاتية في اتساع رقعة الحرائق هذا الأسبوع في أنحاء وسط إسرائيل وشمالها ومناطق من الضفة الغربية المحتلة.
وتوقع خبراء أرصاد محليون استمرار الجفاف الشديد -إذا لم تهطل أي أمطار على أجزاء من إسرائيل منذ شهور- والرياح القوية لأيام عدة واستبعدوا سقوط أي أمطار موسمية.
وكان 42 شخصاً قتلوا في حرائق غابات كبيرة استمرت أياماً عدة في شمال إسرائيل عام 2010 في أحوال طقس مشابهة، ما دفع لإجراء إصلاحات في فرق المكافحة وإلى تشكيل فرقة جوية لمكافحة الحرائق.
وقال رئيس بلدية حيفا يونا ياهف في تصريح صحافي: «كان علينا إجلاء نحو ستين ألف شخص من منازلهم وأماكن عملهم (…) وهذا أمر غير مسبوق في ما يتعلق بحيفا».
وتابع: «قبل بضع سنوات نشبت حرائق في غابات الكرمل، لكنها كانت في مكان واحد، أما اليوم فإن الحرائق تتوزع في أماكن عديدة وكبيرة جداً ومن الصعب السيطرة عليها».
وأوضح أن «ست طائرات تقوم بإخماد نقطة حريق واحدة هي محطة وقود، وبإمكاننا القول انه تمت محاصرة النيران هناك»، قبل أن يضيف «لا أستطيع أن أقول أننا أمام نهاية الأمر».
وأكدت البلدية أنها فعلت مراكز لإدارة الطوارئ تهتم بإخلاء السكان وتوفير الماء والغذاء لهم.
ونفى ايمن عودة النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي ورئيس القائمة المشتركة وابن مدينة حيفا أن تكون هناك أي علاقة للسكان العرب بالحرائق.
وقال عودة في بيان بعد أن تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي اتهامات إسرائيليين للعرب بالوقوف وراء هذه الحرائق: «هناك تحريض ضد الجماهير العربية ويجب لجمه فوراً».
وأضاف عودة: «إن الحرائق طالت تجمعات سكانية عربية أو اقتربت منها مثل ام الفحم، شعب وأبو سنان (…) إذا كان هنالك فاعلون فيجب معاقبتهم بشدة مهما كانت قوميتهم».
أما النائب السابق في الكنيست محمد بركة ورئيس اللجنة العربية العليا التي تدعو عادة لأي فعاليات خاصة بالسكان العرب، فقال في بيان: «جماهيرنا لن تكون في موقع الدفاع عن النفس، بل تتهم (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتانياهو وحكومته بإشعال حريق العنصرية الدموية، البلاد بلادنا والوطن وطننا ويؤلمنا هذا الحريق الرهيب الذي تتحمل مسؤوليته حكومة إسرائيل».
الحياة اللندنية