المركز الصحفي السوري- عاصم الإدلبي 18/4/2015
تعتبر وسائل الإعلام التي يحب البعض تسميتها “السلطة الرابعة” ذات تأثير كبير في الرأي العام الشعبي، خصوصاً لما لها من أساليب تستطيع جذب الشارع وتوجيهه، وهذا ما تفتقره وسائل إعلام المعارضة السورية التي لم تستطع حتى الآن كسب الرأي الشعبي وجعله يتبلور في اتجاه خدمة الثورة وأهدافها.
لا شك أن الدعم الذي تتلقاه هذه الوسائل هو دعم فردي، واستمرارية هذه الوسيلة الإعلامية أو تلك مرهون باستمرار دعمها، وفي حال توقف الدعم سيكون مصيرها الفشل أو البحث عن مصدر تمويل آخر للاستمرار، وفي هذه الحالة تتعرض هذه الوسائل لعملية ابتزاز من قبل الداعمين وذلك لأنه يريد هذه الوسيلة الإعلامية ناطقة باسمه أو اسم تياره الذي ينتمي له، وهذا ما يجعل إعلام المعارضة مرهون بأشخاص وتيارات دون أن يكون له هم وطني جامع وهو العمل لأجل سوريا الحرة، وأن يكون الإعلام على قدر المسؤولية التي يجب أن يتحملها بالمقارنة مع التضحيات الجسام التي يقدمها الشعب السوري كل يوم من أجل نيل حريته وكرامته.
بسبب كثرة وسائل الإعلام المعارضة وعدم توجيهها توجيهاً صحيحاً تشكل لدى الرأي العام شعور بعدم الثقة بهذه الوسائل الإعلامية، ونحن نحتاج في هذه الأوقات العصيبة إلى وقفة حقيقية للارتقاء بإعلام المعارضة إلى مستوى الأحداث الكبيرة التي تعصف بالساحة السورية، سواء على المستوى العسكري أو السياسي أو الإنساني وحتى التوثيق الذي لابد منه لكي لا تذهب دماء الشهداء هدراً، وتقديم كل من سولت له نفسه ارتكاب جريمة بحق الشعب السوري إلى العدالة الدولية.
دأبت وسائل إعلام النظام كــ “قناة الدنيا” و”الإخبارية السورية” على وصف وسائل الإعلام التي تنقل أخبار الثورة السورية بــ “الإعلام المضلل”، كما اتخذت منحى واضحاً في نشر الأخبار الكاذبة و الإشاعات المضللة منذ بداية الأحداث في سوريا في 15 من مارس/آذار 2011، كما ركزت على أن ما يجري في سوريا ليس ثورة شعبية، وإنما أحداث مفبركة، وحرب ضد ما تسميه “الإرهاب”، وبقيت مصرة على هذا المنحى حتى الوقت الراهن، لكن انتهاج وسائل إعلام النظام لأسلوب واحد جعله يستمر إلى الآن رغم كل الكذب والدجل الذي تعج بها شاشات التلفزة الخاصة بهم.
ظهرت في بداية الثورة عدة وسائل لنقل المظاهرات التي عمت سوريا، كـ قناة سوريا الشعب وقناة بردى، وقنوات اتخذت منحى طائفياً كــ قناتي وصال وصفا، لكن لم تستطع الاستمرار بسبب عدم مهنيتها في غالب الأحيان، واعتمادها على مصادر متنوعة كانت في غالب الأحيان غير دقيقة، أو بتعبير أدق “غير مهنية”، مما أثر سلباً على صورة الإعلام الثوري.
وسائل الإعلام المعارضة لا تعتمد تعابيراً ومفردات موحدة لما يجري في سوريا، وهذا ما خلق تشويشاً واضحاً في هذه الوسائل الإعلامية، وهذا بسبب عقود من الكبت التي عاشتها الساحة السورية في ظل حكم آل الأسد، فالمطلوب من وسائل إعلام المعارضة توحيد المفردات الإعلامية، وعدم الخوض في الخلافات التي لا طائل منها، فبعض الوسائل تصف تنظيم الدولة الإسلامية بــ “داعش” وبعضهم يصفونها ” مجاهدو تنظيم الدولة الإسلامية”، وبعضهم” الخوارج”، كما أن البعض يطلق لفظ “شهيد” وبعضهم” قتيل” والآخر “ضحية”، والمطلوب في هذا الوقت أن تكون اللغة الإعلامية مقنعة للجميع في الداخل والخارج، لكي تؤدي الرسالة السامية المطلوبة منها لتكون عالمية وليست محلية فحسب، وعدم الدخول في جدالات لفظية لن تفضي إلى شيء في النهاية.
لا توجد في الوقت الحالي وسيلة إعلامية معارضة تستطيع أن تنقل صورة الأحداث في سوريا نقلاً شفافاً ومهنياً، وهو ما تفتقره الساحة السورية المعارضة، فقد كثرت الدعوات للائتلاف بإطلاق قناة تلفزيونية تنقل الوقائع، وتوثق جرائم النظام التي يرتكبها بحق الشعب السوري.
تعتمد وسائل الإعلام العربي و الدولي في نقل الأخبار الواردة من سوريا على ناشطين من الداخل أغلبهم مدنيون، مما تستدعي الحاجة لوجود وسيلة إعلامية رسمية ناطقة باسم المعارضة، و الاعتماد عليها كمصدر للأخبار، كما تعتمد على المواقع الالكترونية الرسمية كـ صفحة الإئتلاف الوطني السوري، وصفحات فصائل المعارضة المسلحة العاملة على الأرض، دون وجود وسيلة إعلامية محايدة على الأرض تقوم بنقل الأحداث التي تجري في سوريا.
لابد من العمل بجد للارتقاء بوسائل الإعلام المعارضة لكي تواكب التطورات الخطيرة التي تشهدها الساحة السورية سواء على المستوى العسكري أو السياسي، وذلك بسبب التشويش الكبير الذي أصاب المواطن السوري نتيجة كثرة المصادر الإخبارية، وعدم التركيز في بعض الأحيان على المصداقية في نقل الأخبار، مما أعطى ردة فعل سلبية تجاه وسائل الإعلام المعارضة.
المركز الصحفي السوري