القدس- رويترز- قال الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي الاثنين إن الصراع السوري يدخل مرحلة لا يمكن التنبؤ بها إلى حد بعيد، مضيفاً أن جماعة “حزب الله” اللبنانية المدعومة من إيران تشكل تهديداً متزايداً على إسرائيل، على الرغم من فقدها العديد من المقاتلين.
ومع انزلاق سوريا على ما يبدو في قتال مستعص على الحسم على مدار السنوات الخمس الماضية ظلّت إسرائيل إلى حد بعيد على الهامش، مكتفية بمتابعة الأوضاع في مرتفعات الجولان التي تفصل بينهما، وتشنّ بين الفينة والأخرى غارات جوية رداً على قذائف المورتر إذا كان هناك تهديد محدد.
وفي ظل وجود أعداء تاريخيين على حدودها، تواصل إسرائيل التجسس على جيرانها، وبقناة اتصال خاصة مع روسيا لتظل مطّلعة على ما يجري في سوريا.
كان افي ديختر، المدير السابق لشين بيت، والرئيس الحالي للجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست، فشل في التوقّع في معظم ما تكشف من أحداث، بما في ذلك اعتقاده أن رئيس النظام السوري بشار الأسد سيطاح به سريعاً.
ومع شنّ روسيا غارات جوية من قواعد إيرانية، وانخراط القوات التركية في هجوم بري ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في الشمال، يرى المسؤولون الإسرائيليون أن الصراع يدخل مرحلة أكثر فوضوية وصعوبة في التنبؤ بها.
وقال ديختر للمراسلين الأجانب “هذا نقاش بشأن ما إذا كنا في بداية النهاية أو نهاية البداية فحسب” قائلاً إن التحولات الجذرية أحدثت زلزالاً إقليمياً شدّته “لا تقلّ عن تسع درجات على مقياس ديختر”.
وأضاف، مستخدماً الكلمة العبرية ذات الأصول الروسية التي تعني فوضى تامة “أعرف أن الفوضى كلمة أفضل لوصف ما يجري، لكنها في حقيقة الأمر “فوضى تامة”. مع الفوضى تعرف متى ستستقر الأوضاع. أما الفوضى التامة فهي شيء لا أحد شيء يعرف معها متى ستستقر الأمور”.
ومزّقت الحرب، التي اندلعت في 2011، سوريا إلى فسيفساء من الأراضي التي تسيطر عليها قوات النظام ومجموعة من الفصائل المسلحة المتنافسة في كثير من الأحيان، بما في ذلك مقاتلون أكراد يمثلون تحالفاً فضفاضاً من الجماعات المتمردة وتنظيم “الدولة الإسلامية”.
وتساند القوى العالمية الأطراف المتناحرة في الحرب، حيث تدعم الولايات المتحدة وتركيا جماعات المعارضة الساعية للإطاحة بالأسد، في حين تساند روسيا وإيران رئيس النظام السوري. ويقولون جميعا إنهم يقاتلون “الدولة الإسلامية”، لكن جهودهم غير منسقة.
المصالح المتنافسة
يسعى بعض المسؤولين الإسرائيليين وسط هذه الاضطرابات إلى إبراز إيجابيات محتملة، إذ يرون أن في إعادة تشكيل الشرق الأوسط بعد قرن من رسم بريطانيا وفرنسا كثيراً من حدود المنطقة قد تفيد إسرائيل بإضعاف أعدائها التقليديين، ومن بينهم سوريا ولبنان وإيران.
وقال مسؤول دبلوماسي إسرائيلي الأسبوع الماضي “نحن في وضع كلما زادت فيه الأمور انقساماً أصبح التهديد بالنسبة لنا أضعف”.
لكن الوضع يثير أيضاً أموراً جديدة، لم يسبق لها مثال، ومنها كيف ستتصرف روسيا وتركيا – وكلتاهما حليفتان لإسرائيل لكل منهما مصالحها في سوريا. فعلى سبيل المثال أشارت كل من موسكو وأنقرة إلى أنهما ستدعمان بقاء الأسد في السلطة بشكل ما، وهي نتيجة لا تحبذها إسرائيل.
وقال ديختر إنه في حين أن تركيا وروسيا وإيران ربما تكون لهم أولويات متنافسة “فإننا لا نرى أي نية (من جانبهم) لاستخدام سوريا كقاعدة ضد إسرائيل”.
بيد أن الاستثناء من ذلك هو جماعة “حزب الله” اللبنانية المدعومة من إيران، والتي تقاتل نيابة عن قوات الأسد، وسبق أن واجهت إسرائيل مراراً. فقد حاربت الدولة العبرية لنحو 20 عاماً خلال الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، ابتداءً من 1982 وخاضتا حرباً في 2006. وقال ديختر إن “حزب الله” فقد زهاء 1600 مقاتل في الصراع السوري، وما يقدر بخمسة إلى ستة آلاف مصاب.
وأضاف “قتل إرهابيون من “حزب الله” في سوريا أكثر مما في الاشتباكات مع إسرائيل في 30 عاماً” واصفاً ذلك بأنها “أنباء سارة”، ومبعث قلق لزعيم “حزب الله” حسن نصر الله.
لكنه قال إن الأنباء السيئة بالنسبة لإسرائيل هي أن “حزب الله” يتعلم القتال في مجموعات أكبر مع أسلحة متطورة.
وأضاف “لم يعد تماماً مجموعة من الإرهابيين ..إنه كتائب ذات أسلحة متطورة ومدفعية”.
وختم “نعرف أنه إذا كنا بصدد الدخول في جولة أخرى (من الحرب) ضد “حزب الله” فستكون مختلفة ونحن نستعد لها. عندما قلت إنه جيش من الإرهابيين فبوسعكم أن تتحركوا قليلاً من كلمة إرهابيين نحو جيش”.