تتكرر المشاهد المؤلمة منذ عامين للحاضنة إدلب التي مازال تدفق القافلات الخضراء فيها حاضرا وبقوة، وهي تستقبل مدنيين ومقاتلين من مناطق سوريا المختلفة هجروا منها قسرا وعنتا، إنها وجهتهم الأخيرة مدينة خضراء بأراضيها طيبة بقلوب سكانها المسالمين، حتى بدا كأن نصف الشعب في سوريا قد تم تهجيره إليها، إذ غدت إدلب الآن سوريا الطيبة بناسها وشهامة أبنائها ومواقفهم المشرفة من كل ما ينداح على الأمة العربية والإسلامية عامة، إدلب هي وطن داخل وطن، وطن ما يزال حرا في جسم قضمت عصابات وميليشيات القتل والطائفية أطرافه أو لنقل معظم جسده.
لكن يبقى السؤال الأبرز لأهالي مدينة إدلب، ما الذي تخفيه كواليس الاتفاقات والتوقعات التي ما زالت مخفية وغير معلنة حتى الآن بشأن مدينتهم؟
بقدر ما عاناه الأهل في حلب من قتل ودمار وتنكيل وتهجير باتفاقية تم تنفيذها في ظل عرقلة حلفاء النظام لآلية التنفيذ، بقدر ما يبرز الدور الأبرز للمعارضة في مدينة إدلب ومستقبلها المجهول، حيث يتخوف الكثيرون من أن تلقى تلك المدينة مصير ما لاقته الجارة حلب، فمنهم من يطرح سيناريو التصفية أو المصيدة مع تأكيد أصحاب ذلك الرأي، أن إدلب وإن كانت اليوم آمنة بموجب تعهدات روسية، بعدم شن عمليات عسكرية فيها، إلا أنها تعهدات غير محددة لوقت وتبقى هشة في ظل نظام ينتظر اللحظة المناسبة ساعياً إليها بكل أساليب المكر أو العنف لإطباق الحصار على إدلب وقصفها جواً وبراً
عداك عن عمليات التغيير الديمغرافي التي يقوم بها النظام السوري لصالح حلفائه إيران وحزب الله.
ويبقى السؤال المطروح تلقائياً ما السر في الاتفاق الدولي على نقل الجميع إلى إدلب؟
ربما لأن هذه المدينة تحت السيطرة الكاملة لجبهة فتح الشام “جبهة النصر سابقاً” والآن من سيسحب إلى إدلب هم المقاتلون لأنه ليس هناك مكان آخر، وهذا ما تتمناه القوى الدولية في أن تنجح في تجمع هذا الكم من المقاتلين والمصنفين مسبقاً في منطقة محددة، يمكن فيما بعد التركيز عليها للضغط على المعارضة، هذا التجمع في إدلب لجعل ما يسمى “بؤرة الإرهاب متواجد فيها.
ولدى مقابلتنا لأبي أحمد (56 عاماً) من ريف إدلب كشف لنا عن قلقه المتواصل من مخاوف لا تفارقه بشأن ما ينتظر مدينته الطيبة في ظل أوضاع تزداد مأساوية وحربا دموية شنها نظام حكم عليهم بالموت كان من المفترض أن يكون مسؤولا على راحتهم ورفع المستوى المعيشي لديهم، يقول أبو أحمد “الله يحمي أهل مدينتي الخضراء من أن يحولها النظام إلى إدلب الحمراء لتحقيق مخططاته الانتقامية عندما خرجت أرضها عن السيطرة.. آه كم هو مؤلم أن تنتظر المجهول وخصوصاً الذي يغلب عليه مخاوف الألم والحزن.. بالأمس فقدنا أراضي عزيزة إنها الجارة حلب وأملنا اليوم بأن لا نفقد أرضاً أخرى فكيف إن كانت أرضنا التي جبلت بدماء من دافع عنها ومنهم اثنان من أخوتي ونسيبي وابن أختي.. سنتحلى بالصبر لندعم رواد جيل من الأبناء لبناء مستقبل هم من يخطّون أيامه بإذن الله”.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد